Friday, November 4, 2016

الطبيب السوداني وحكاية مصطفى

الطب مهنة انسانية عظيمة، يقال ان الطيب لديه قسم قبل ممارسة المهنة بان يمارس المهنة في خدمة المرضى  باحترام واخلاق ومهنية وضمير ، ومهمة الطبيب اصلا هي التزام ببذل رعاية ، وليس تحقيق نتيجة، على الاقل في عالمنا الاسلامي ،لأن النتيجة من الله ( واذا مرضت فهو يشفيني)
في اكتوبر الماضي إبتدأ الاطباء في السودان اضرابا مهنيا عن العمل بسبب تزايد الاعتداء من المرضى عليهم، الطبيب السوداني هو الاكثر تعرضا للضرب والاعتداء اثناء ممارسة مهنته،  لفهم اسباب هذه الظاهرة دعونا نعود الى الاسباب التي  جعلت من طبيب صغير ظل طوال عمره حاصرا نفسه بين كتب المدارس ، دون اى محاولة للتفاعل مع الزملاء ، ودون اى رغبة في  التعرف على اصدقاء او ممارسة اى نشاط مدرسي باستثناء حفظ الدروس ، مايجعله  في النهاية المرشح المثالي لكليات القمة  وعلى راسها الطب .
مصطفى  وخلاصة الكريمة
ومصطفى يارعاك الله هو نموذج لهذا الشخص الذى وصفناه ، شخص شاطر جدا في المدراس ولكنه الاكثر بلادة  في الحياة، يتصوره الاخوة في الخليج كشخص مصري ( لكنه ينفع ان يكون سودانيا) بتسريحته التي يشقها  من جانب الراس  بمشط ،وهو في الغالب يعود الى بلده لدراسة الطب ثم يرجع  الى الخليج مرة اخرى كواحد مما اعتاد كبار الاكاديميين –وهم  في الغالب مصطفى قديم- بتسميتهم كخلاصة الكريمة  باعتبارهم من نخبة التلاميذ الشطار !!!
هذا الكائن الفاشل يعود مختلفا تماما ، يظن نفسه اله صغير ، يتعامل مع المرضى وكأنه مناط  به ان يشفيهم! وكأن المطلوب من المجتمع ان يعبد هذه الفئة، وكأن تقدير المجتمع حق ينبغي ان ينزل على هذا الكائن الشاطر  والذى في الحقيقة لايمكنه ان يفعل اى شىء في ظل مستشفى بلا امكانيات  ومريض مطلوب منه ان يدفع حتى ثمن الابرة التي سيحقن بها !!!
انا التقيت بمصطفى مصري  في الخليج ، اقنعني بانني امر بازمة قلبية واحتاج  الى دعامة في القلب وضعها في النهاية ، ثم عدت الى مصطفى آخر فوضع دعامة اخري ، ثم عدت اليه بعد اسبوع  في حال سىء فاراد وضع دعامة ثالثة، قلت له هل هو قلب ام كربرتور سيارة ؟ هل انت اهبل ؟ وطردته من غرفتي  التي ادفع عنها مالايقل عن ثلاثين الف دولار! فخرج دون ان يجادلني!!
قبل سنوات طويلة تجرأت  عند طبيب سوداني حين استفسرت منه عن حالة قريبة  لي اصيبت بتسمم غذائي عارض ، كان طبيبيا جديدا متقصما لتلك الحالة من الالوهة الزائفة البليدة ، ولا ادري كيف يمكن ان يكون هكذا في غرفة طوارىء مليئة بكل مايمكن ان يمثل المأساة الانسانية ، كان رده ببساطة ( طيب ماتجي تجلس مكاني ، قلت ليك خلاص امشوا بيتكم ولو في شىء تعالوا تاني!!)
اتذكر انني صمت قليلا قبل ان اقول له بهدوء ( شكرا ليك لكن انا راضي بالمكان الذى اجلس عليه وهو مكان لن يكون بامكانك حتى ان تدخله ) وكنت صادقا
بتاريخ 08-25-2016:  اصدرت نقابة أطباء السودان بالمملكة المتحدة وايرلندا بيان بخصوص الإعتداءات المتكررة علي الاطباء داخل السودان اوردت به النماذج التالية :-
١-في يوم الرابع والعشرون من آغسطس 2015 تعرضت طبيبه تعمل بمستشفي الفاشر الحكومي لأعتداء من قبل رجل شرطه مما أدي لإضراب زملائها من الاطباء بالمستشفي تضامنآ معها
٢-في يوم الاحد 30 آغسطس 2015 وقع أخطر حادث إعتداء علي الآطباء ، فقد تعرض المدير الطبي المناوب لمستشفي بحري التعليمي لاطلاق رصاص ومعه اثنين من كادر التمريض داخل عنبر الباطنيه رجال من قبل رجل ينتمي لأحد الأجهزة الامنيه مما ادي لأصابته بجروح خطيرة من جراء هذا الاعتداء الغاشم
٣- في يوم الخميس الموافق الاول من اكتوبر 2015 تم ضرب وجلد عدد من الأطباء والعاملين بالمستشفى على يد أفراد من الشرطة بقيادة نقيب
٤-في مساء السبت 5 ديسمبر 2015، تعرضت مجموعة من أطباء مستشفي الذره لأعتداء من قبل مجموعه تنتمي لشركة أمنيه مما أدي لأصابة هولاء الآطباء بإصابات خطيرة
ثم تواترت البيانات ، واهتم الاعلام بهذه الظاهرة  وفي كل بيان كانت تتدفق نماذج جديدة لاشكال من الاعتداء على الطبيب السوداني المسكين والسؤال المهم الآن لماذايتم الاعتداء على طبيب يمارس عمله ويؤدي في رسالته السامية في تخفيف الم المرض ومقاومة عذابات الانسان السوداني البسيط!
ببساطة لان الطبيب السوداني هو الاسوأ في العالم في التعامل مع المريض ولنأخذ هذا النموذج بتاريخ26/8/215  

جاء في صحيفة المرصد السعودية : تداول عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، مقطع فيديو لطبيب سوداني يطرد مريضاً حالته حرجة، ويتلفظ عليه،و بعد أن قال والد المريض : “هذا مو بيتك حتى تطردنا من المستشفى”؛ فكان رد الطبيب: “المستشفى بيتي وأعلى ما بخيل أبوك اركبه!!! 
مالا يرغب المجتمع في تداوله هو ان هناك صراع حقيقي قائم بين هذه الفئة المسماة بالاطباء  وبين المجتمع، الاطباء يرون انهم يجب ان تتوفر لهم حماية ليستمروا في ممارسة انتهاكانتهم واستفزازاتهم للمواطنيين،
ان الاعتراف للاطباء بانهم فئة مميزة تتعرض للاضهاد من افراد الشعب السوداني يعني اتهام الشعب بانه مجموعة من المجانين، ولايمكن لعاقل ان يعتدي على طبيب في مكان عمله الا لأن هناك اسباب قوية دفعته لمثل هذا التصرف .
وما لايرغب الاطباء في اثارته هو ارتباط اضراب الاطباء واحتجاجاتهم المستمرة بقضايا المعارضة ورغبتها في استغلال هذا الاحتجاج لتفعيل دورها  في مقاومة النظام ، وتشجيع نقابات وجهات فئوية اخرى بان تحذو حذوها  حتى تنطلق باتجاه عصيان مدني شامل يقود الى انتفاضة ضد النظام، وهذا شىء مستبعد لانخافض سقف مطالبات الاخوة الاطباء ، وانخفاض مستوى وعيهم السياسي اصلا ناهيك عن مستوياتهم الفكرية التي لاتؤهلهم بحكم تكوينهم ( كمصطفى) من قيادة حركة ثورية تستلهم مافعله اسلافهم في اكتوبر وابريل .
الحل فقط في ضرورة ان يفهم الطبيب السوداني انه مواطن عادي مطالب بان يحترم بقية المواطنين وان دوره في المجتمع لايزيد عن دور اى مواطن ينتمي لاى فئة مهنية اخرى ، هذا هو الحل الوحيد 


No comments:

Post a Comment