Monday, November 16, 2015

تأملات من وحي الحياة

في مقام الاعتبار

ليس كالتواضع خلق، ان يخفض الانسان لغيره جناح الرحمة ، وان يكون مبذولا لفعل الخير  من اجل الناس، فكل مانفعله من اجل الناس يكون مفعولا من اجل الله  اذ ( من ذا الي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له)  والمعنى واضح في ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم )ومثل هذه المعاني كثيرة في القرآن

وفي المقابل ينسى الانسان في كثير من الاحيان ان يتذكر ( الكبرياء ردائي والعزة ازاري من نازعني فيهما قصمته) لطالما تأملت في هذا الحديث  القدسي المذهل ، ولطالما تأملت نتائجه في المتكبرين ، فرعون ، نموذج الاستكبار الاكبر ، بتلك الانا الفظيعة حين قال ( انا ربكم الاعلى) ( اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجرى من تحتي)( واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق

فمشكلة فرعون اذن هي في هذه الشوفينية  والكبر  الذي جعله يستعبد الناس، وهذه مشكلة لاتقل عن قضية انكاره للحق ، ولذلك جعله الله نموذجا كما اظن ، ذلك ان منكري الحق كثر ، ومنهم من يقول فيعصرنا باسوأ مما قال ، في النهاية لم يجد موسى الا ان يستعين عليه بالله  ليحقق وعده  (( وقال موسى اني عذت بربي وربكم  من كل متكبر لايؤمن بيوم الحساب)
ان مشكلة المتكبرين  ان قلة منهم تدرك انهم كذلك، ذلك ان التكبر هو آفة  واعاقة نفسية كبيرة ،و هناك ذلك الارتباط الطبيعي بين الكبر  والجبن والمكر والحسد والبغض ،وكلها مداخل مريحة  للشيطان  تتيح له صحبة جيدة مع اصحابها ولكنهم لايشعرون، ولكن المشكلة فيمن يشعرون بصحبة الشيطان فيستئنسون بها  ، وينسون ان الشيطان كان للانسان خذولا
ان المتكبر جبان لكونه لا يتكبر الا الضعفاء، سيما ان كان اغتراره بنعم مستحدثة ، انهم اصحاب النفوس الكلبية كما يرى الامام الغزالي، في لهاث دائم لاثبات شىء ، يستخدمون المكر السىء ليحيق بمن يظنون انه خطر عليهم ، باحثون دائمون عن شهادة  او لمحة رضا من ناقص مثلهم
في مقام الاعتبار اتذكر ان الاساءة  وومحاولة  اذلال الناس   وتسبيب الاذى لهم  مها كان بسيطا  والمكربهم  اشياء تعود علي اصحابها  بأبهة لاتقل عن عظمة الآية الكريمة( ومايمكرون الا بأنفسهم وما  يشعرون) ومتى يتحقق هذا؟ في اسرع وقت  ( قل الله اسرع مكرا  ان رسلنا  يكتبون ماتمكرون ) اسرع مكرا ، فياسبحان الله
ولذلك نجد ان نتائج الكبر - والكبر غمط الناس وبطر الحق - والمكر، هو تعجيل العقوبة ، تماما كما ورد في سورة النحل(( قد مكر الذين من قبلهم  فأتى الله بنيانهم من القواعد ، فخر عليهم السقف من فوقهم  وأتاهم العذاب من حيث لايشعرون) 
هذه الآيات وغيرها كثير تعلمنا ان نعتبر، فالانسان كائن ضعيف ، ولكن عظمته في هذا الضعف، وفي الافتقار الدائم لله ، ولن يعلو احد عند الله الا بمقدار خضوعه له ، وتحقيق عبوديته ما استطاع  ، والعبرة في القرآن بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب الذى تنزلت الآيات بناء عليه ، ومن لم يعتبر بالقرآن فبماذا؟ 

فالمطلوب من الانسان فقط وقت قليل مع الذات، شوية تأمل وتفكير ، وبعض الاسئلة المحرجة ، هل انا كذا؟ هل انا جلف ولكني ادعي اني صريح واكره المجاملة؟هل اتعمد تجاهل الآخرين لاشعرهم باني افضل ؟ مشغول جدا عن الالتفات للبعض لاشعرهم بالحطة، اتعمد الا ارد علي التحية احيانا  ، احسد الناس  ؟ اكرههم ؟لا اجد في داخلي مشاعر اشفاق  حقيقية علي الآخرين ؟، استمتع  بلعبة  الحاكم بامره حين تضعني الظروف  في مكان يستدعي هذه اللعبة؟ وكل هذه اشياء لايمكن ان يعرفها احد اخر فقط انت والله


يمكننا ان نتغير ، اؤمن بهذا ’ يمكننا ان نصبح افضل، ان تذكرنا ان ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا في الارض ولا فسادا) الامر يتطلب فقط بعض الثقة ، الثقة في الذات، الثقة في الله