Thursday, November 8, 2018

مخالفات مقاولي الباطن في الانظمة السعودية 1





اهم مرجعيات هذا المقال هو من عقد المقاولة الرئيسي الذى يمثل  النموذج المعتمد لعقد الأشغال  العامة السعودي  لوزارة الشؤون البلدية, والذي يعتبر بمثابة عقد فيديك سعودي
وعقد الفيديك تعتمده اكثر من ثمانين دولة وهي عقود مرتبطة  بالسياسة لانه واحدة من روشتة البنك الدولي المعروفة في الاصلاح الاقتصادي للدول النامية التي تعتمد علي الاقتراض منه  فهو احدى متطلبات وشروط  البنك الدولي للدول التي تقترض من البنك  فيشترط عليها ان تعتمد الفيديك في عقودها
ولذلك هذا العقد غير معتمد في المملكة السعودية ولادول الخليج لكونها ليست من زبائن البنك الدولي
هل يجوز سحب العمل من مقاول الباطن ؟
يعدّ سحب العمل من المقاولين سواء كان هذا السحب كلياً أو جزئياً أحد الجزاءات المطروحة أمام صاحب العمل في حال إخلال المقاولين بأي من التزاماتهم التعاقدية المتفق عليها , وغالباً مايحدث ذلك تحديدا نتيجة التأخر أو البطىء الشديد في تنفيذ الإلتزامات التي عادة ما ينص عليها في عقود المقاولة 
وتحوي معظم عقود المقاولة من الباطن على الشروط والجزاءات المتاحة امام صاحب العمل 
( المقاول الرئيسي) والتي يمكنه إيقاعها في حال عدم إلتزام مقاولي الباطن لشروط العقد بما فيها عدم تنفيذهم كمية الأعمال المطلوبه حسب الجدول الزمني المتفق عليه 
متى وكيف يتم سحب العمل من مقاول الباطن؟
سحب العمل من مقاول الباطن – سواء كان هذا السحب كلياً أو جزئياً-يتم  بإخطار كتابي دون الحاجة لإتخاذ أية إجراءات قضائية أو خلافه ، وبعد مرور فترة (14) يوماً على تاريخ استلامه للإخطار المذكور في هذا البند 

أ - إذا تأخر مقاول الباطن عن البدء في العمل أو أظهر بطأً في إتمام تنفيذ الأعمال في مراحلها أو أوقفها كلية لدرجة يرى معها المقاول الرئيسي أنه لا يمكن إتمام العمل في المدة المحددة لإنتهائه .

ب - إذا إنسحب مقاول الباطن من العمل أو تخلى عنه أو تركه أو تنازل عنه أو تعاقد لتنفيذه من الباطن بدون إذن خطى مسبق من المقاول الرئيسي 

ج - إذا أخلّ مقاول الباطن بأي شرط من شروط العقد أو أمتنع عن تنفيذ أي من التزاماته التعاقدية ولم يصلح ذلك رغم إنقضاء خمسة عشر يوما على اخطاره كتابة بإجراء هذا الإصلاح.

د - إذا قام مقاول الباطن بنفسه أو بواسطة طرف ثالث بإعطاء أية هدية أو سلفة أو مكافأة أو وعد بها لأي موظف من موظفي المقاول الرئيسي أو لأي شخص آخر له علاقة بالعمل موضوع العقد 

هـ - إذا أفلس مقاول الباطن أو طلب شهر إفلاسه أو إذا ثبت إعساره أو تمت تصفيته أو حله 

-
ووفقاً للنص المشار إليه فأنه يستلزم لسحب منطقة عمل (أو كمية أعمال ) من مقاول الباطن بسبب الإخلال والتأخر في إنجاز العمل المطلوب
 أن يتم توجيه إخطار كتابي له بذلك , بحيث يتم إخطاره فيه بأنه قد أخل بالتزاماته التعاقدية , وأنه نتيجة لإخلاله ذاك فأنه سيتم إعمال المادة السالفة الذكر وسحب كل أو جزء من الأعمال المسندة إليه بموجب العقد ,
 وسيتم العمل على وضع اليد على منطقة العمل ( او الأعمال المطلوب سحبها) تمهيداً لتسليمها لمقاول أخر 
وتنفيذ العمل بها على حسابه 
وتحميله فرق الإرتفاع في كلفة التنفيذ إن وجدت
إن عقود المقاولة من الباطن في أغلبها لا تقّيد المقاول الرئيسي بطريقة أو بإجراءات معينه يفترض به أتباعها لأختيار مقاول الباطن لتنفيذ أعمال المقاولات التي تم سحبها من مقاول 
الباطن الأخر, كما أنها لا تعلق أختيار المقاول الجديد على موافقة أو رفض مقاول الباطن المقصّر(المخالف)
آثار سحب العمل من مقاول الباطن 

 أولاً : في حال سحب العمل من المقاول يكون لصاحب العمل – حسب تقديره المطلق – أن يلجأ إلى أحد الإجراءات الآتية
1-
 أن يتفق مع صاحب العطاء التالي على تنفيذ العمل بنفس الأسعار المقدمة منه وفي حالة عدم موافقته يتم مفاوضة أصحاب العروض الأخرى للقيام بذلك 
2-
أن يطرح في المنافسة من جديد كل أو بعض الأعمال غير المنجزة، ويكون ذلك في جميع الأحوال على نفقة المقاول 
ثانياً : يحق لصاحب العمل إذا توفرت إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة السابقة أن يحجز المواد والمعدات والآلات الموجودة في الموقع لاستعمالها في تنفيذ العمل دون أن يدفع أي مبلغ مقابل ذلك للمقاول أو غيره ودون أن يكون مسئولاً عن أي تلف أو نقص يلحق بها من جراء هذا الاستعمال كما يجوز له أن يرجع على المقاول بجميع ما تكبده من خسائر أو أضرار من جراء سحب العمل وإذا لم يكف الضمان النهائي لتغطية تلك الخسائر والأضرار فيجب على المقاول أن يدفع لصاحب العمل بناءاً على طلبه مقدار الفرق المترتب له بذمة المقاول. ويجوز لصاحب العمل في حال امتناع المقاول عن دفع هذا الفرق رغم اخطاره كتابة أن يبيع تلك المواد والمعدات والآلات المحجوزة كما يجوز له اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لاستيفاء حقه من قبل المقاول.
ثالثاً : بعد تسوية حساب المقاول مع صاحب العمل يحق للمقاول نقل معداته وآلاته والمواد العائدة له من الموقع.) انتهى 
إن هذا النص اعلاه الذي يرد في عقود المقاولة الرئيسية بين الجهة الإدارية (صاحبة العمل) والمقاول الرئيسي بخصوص آثار سحب العمل هو نص جوازي للجهة الإدارية للأخذ به يكون حسب تقديرها المطلق لإتخاذ أي من الأجراءات المطروحة في متن هذه المادة ومنها الاتفاق مع صاحب العطاء التالي بنفس الاسعار المقدمة منه لتنفيذ الأعمال الجاري سحبها أو في حالة رفضه تتم مفاوضة باقي أصحاب العروض الأخرى أو طرح المشروع او الاعمال غير المنجزة للمنافسة من جديد , وهي بذلك ما تزال تملك الخيار بين اتباع تلك الإجراءات في حالة سحب العمل وبين التنفيذ على حساب المتعاقد معها بطريق الأتفـاق المباشر مع أي من المقاولين ما دام الهدف تحقيق المصلحة العامة لإنجاز المشروع 
أما في حالة تعاقد المقاول الرئيسي مع مقاول من الباطن فهو امر يعود لشركة المقاولات ذاتها( المقاول الرئيسي) لأخذ أو لاتباع هذه الإجراءات من عدمها وذلك بالنظر الى تحقيق مصلحتها المتمثلة بسرعة الإنجاز وتنفيذ الاعمال المطلوبة وتسليمها النهائي ضمن مدة عقد المقاولة الرئيسي .مسائل يجب ان تراعي عند سحب العمل من مقاول الباطن:-
بالنسبة لخطاب الضمان البنكي 

الصادر عن مقاول الباطن المقصّر يجب أن يضل ساري المفعول

طيلة تنفيذ الأعمال المطلوبة سواء التي يقوم بتنفيذها هو بشكل مباشر , أو التي جرى سحبها ويقوم بتنفيذها مقاول من الباطن أخر او يقوم بها المقاول الرئيسي نفسه, لكون التنفيذ هنا يتم على حساب مقاول الباطن المقصّر وهو ضامن لهذه الأعمال الى أن يتم أنجازها بشكل تام وتسليمها لصاحب العمل, كما أنه ليس من حق مقاول الباطن المقصّر أن يطلب إنقاص قيمة خطاب الضمان الصادر عنه تبعاً لسحب كمية أعمال من عقده ( بأعتبار ان قيمة عقده قد نقصت عما تم الأتفاق عليه أبتداءاً) والصحيح أنه يبقى ملتزماً بكامل قيمة خطاب الضمان البنكي لكونه مسؤول عن كامل قيمة عقده وكمية الأعمال المسندة إليه بما فيها كميات الأعمال التي جرى سحبها منه كجزاء نتيجه مخالفته لإلتزاماته والبطىء والتأخر بالتنفيذ, والذي لو استمر على هذه الحالة سيؤدي الى تحميل المقاول الرئيسي لجزاءات مختلفه وغرامات من صاحب العمل (الإدارة الحكومية) كان يمكن تفاديها لو إلتزم المقاول المذكور بتنفيذ الأعمال المسندة إليه ضمن الجدول الزمني المطلوب .
مبلغ التأمين 

الذي سبق استيفاءه من مقاول الباطن المقصّر
 من المعلوم ان المقاول الرئيسي ملزم بتقديم وثيقة تامين كافة الاخطار لضمان اعمال المقاولة لدى الجهة الحكومية وعادة ما يقوم المقاول الرئيسي بتحميل مقاولي الباطن نسبة من قيمة قسط التأمين المطلوب منه تتناسب وكمية الاعمال التي يقوموا بتنفيذها
 يفترض في هذه الحالة ان يقوم المقاول الرئيسي بارجاعه الى هذا المقاول من الباطن المقصّر بقدر القسط المستوفى عن الاعمال التى جرى سحبها من هذا المقاول وذلك في حال تسليم هذه الاعمال الى مقاول أخر لتنفيذها واستيفاء قيمة التأمين عنها من هذا الاخير, إذ انه في غير هذه الحالة يكون المقاول الرئيسي قد استوفى قيمة التأمين مرتين عن ذات كميات الاعمال , مرة من المقاول المقصّر ومرة أخرى من مقاول الباطن الجديد الذي سينفذ هذه الاعمال , وهو قبض لغير مستحق ويشكل إثراء بلا سبب بالنسبة الى المقاول الرئيسي
بالنسبة لفرق ارتفاع التكلفة 

يتحملها مقاول الباطن المقصّر الذي جرى سحب بعض الاعمال منه ويجري تنفيذها على حسابه بواسطة مقاول اخرالفرق عن القيمة المقدّرة من قبله والتي أثبتها في عقدة كتكلفة للقيام بكمية الاعمال التي جرى سحبها واذا كانت التكلفة تقل عن القيمة المقدرة  فان الفائض او المال او قيمة العمل المتوفر  تصبح من حق مقاول الباطن الذي سحب منه العمل   وله الحق بالمطالبه به وأسترداده لحسابه

نواصل في الجزء الثاني عن العمالة في نظام مقاولي الباطن

Monday, April 30, 2018

رمضان لنحقق انسانيتنا

كل عام والعالم بخير
ورمضان كريم لكل الاهل والأصدقاء  والمعارف والقراء
رمضان فرصة  دائمة لعودة بعضنا الى الله  ,  ليس لان الناس يتركون الله ولكن لأن الايمان  كائن حي يزيد وينقص , وعظمة الاسلام تتجلى فى انه يقبل الانسان فى كل أحواله حين يخطىء وحين  يعود الى الصواب , والمخطئ  العائد لله بالتوبة  يبدل الله سيئاته حسنات , وهو خير من المدل بعبادته وصلاحه  أن ظن انه اقرب الى الله  بكثرة الصلاة والعمل  لأن الانسان   فى انكساره وخجله من الله  يصبح اكثر قربا  وتحقيقا للعبودية  من الاول , وكل الذنوب يغفرها الله إلا الشرك ,  وكل من يقول لا اله إلا الله فهو فى الجنة  كما ورد  على ان يحقق شروطها , لان لا اله الا الله لاتبقى فى قلب صاحبها  شبهة ولا ظلم ولا ذنب , وتفتح ابواب القلب لمعرفة  الله  ومعيته
 وجوهر الاسلام هو تحقيق العبودية لله , وكل منظومة العبادة لاتنفع صاحبها ان لم يشعر بانه قد حقق هذا الاستسلام والرضا الذى يدفعه للإبداع فى سبيل انتاج الحياة الطيبة من اجل العالم
 و الاسلام هو دين الجماعة  والغيرية , وهذه الغيرية تتمثل فى الاحساس بالآخر , والسعى الدائم  لتغيير الحياة نحو الافضل من اجله , فليس الفقر هو القدر المقدور الذى لافكاك  منه, لان الفقر ليس مسالة ايمانية يتقرب بها الى ألله الفقر قضية اقتصادية بحته, تحدث  نتيجة لاختيار اسلوب خاطى فى التطور الاقتصادى  لدولة ما, فالدولة التى تنتهج  سياسة لاتقوم على الانتاج , وتتخذ من افكار الليبرالية الجديدة فى تحرير الاسعار وبيع القطاع العام, وتتخذ سياسات تدميرية لمنظومة التعليم والصحة وتشرد مواطنيها  فى دول العالم   لتتمكن من فرض مزاج  ماضوى نكوصى    لإقحامنا فقط وبغير جريره فى غبائن التاريخ  ومشكلات الدول المندثره هى دولة فاشلة  بكل المقاييس  مواطنها فقير بالضرورة , سيما حين تمكن قلة من الاستفادة من ريعها , ويصبح الفساد فيها ممنهجا  ترفض كل الدعاوى لمحاربته واسترداد المنهوب  , وانتهاج الاصلاح لمصلحة الغالبية , بحجة عدم توافر الادلة , وكأن المطلوب من المفسد ان يدل على نفسه لتتم محاسبته فيما بعد! ثم  تدعو الناس  الى الصبر فى محاولة  مكشوفة لاستدعاء المفاهيم الاسلامية  لخداع الناس , وكأنهم بلا عقول
ان التعامل مع مفاهيم ايمانية  مثل الصبر بهذا القدر من اللاايمان باعتبار انه طرح اسلامى يشبه محاولة خنزير استخدام ادوات التجميل ليخدعنا , لأن  الصبر  بالمفهوم الاسلامى يكون  عَلَى الطاعة، والصبر عن معصية الله والصبر عَلَى أقدار الله -سُبْحَانَهُ وتعالي ,وهى المسائل التى لايد للانسان  بها  , مثل الموت والولادة  وكوارث الطبيعة , اما الفقر فهو مسالة بشرية  تدل على غباء فى خيارات الناس , تماما مثل القول بأنه نتيجة للكسل مثلا!
رمضان فرصة لنغضب على انفسنا التى كأن بامكاننا ان نحاول تغييرها منذ زمان دون ان نفعل , فرصة لتغضب يشكل ايجابى على عالمنا الذى ينتج الظلم فى كل لحظة فقط لاننا صمتنا على من قتلوا وتشردوا وضيعوا فى دارفور و جبال النوبة والنيل الازرق
رمضان شهر القرآن والرحمة والتغيير , شهر التسامح , التسامح مع ذواتنا والتصالح معها والعالم, شهر للتفكير فيما نحتاج الى تغييره من انفسنا , كيف نصلح عيوبنا, ليس الغرض ان نكون كاملين أبدا يكفينا فقط ان نحقق قدرا من الثقة فى الله ,  لنكون واثقين من انفسنا ,  الثقة فى الله مفهوم كبير لايستيطعه الكل , ولو ادركنا جزء من المعنى فهو كاف جدا, بالنسبة لى على الاقل
 رمضان فرصة للخروج من ذواتنا الضيقة  للانطلاق  الى عالم من التفكير الايجابى  تجاه الذين ظلمناهم أ والذين كنا سببا فى تعقيد حياتهم , الذين تسببنا لهم بلحظات من الحزن, او الذين كان بإمكاننا ان نمد لهم ايديينا ولم نفعل , او اولئك  الذين اشعرناهم بأنهم اقل منا لكونهم  اقل حظا
 كأن رمضان هو حمام تغتسل فيه الروح من ادران المعافره والانغماس فى الرغبات والمطامع وحظوظ النفس الراغبة دائما فى تحصيل اوهام العظمة وزيف الاهمية بالادعاء والانانية والدوس على الاخرين واستغلالهم لتحقيق مصالحنا
  رمضان فرصة لمواصلة الثورة والدعوة للتغيير , فرصة  لنحقق انسانيتنا

Wednesday, January 24, 2018

ملاحظات حول مظاهرات 16يناير في السودان





مسيرة وليست ثورة
الملاحظة الأولى ان   اغلب المراقبين تعامل مع ماحدث باعتباره ثورة شعبية ضد النظام بينما ماحدث في الواقع لم  يتجاوز كونه دعوة لموكب او مسيرةشعبية  لتقديم مذكرة  لوالي الخرطوم احتجاجا على ميزانية الولاية لسنة 2018 التي اشتهرت  باسم ميزانية الموت
ميزانية ولاية الخرطوم  لهذا العام تبلغ 12,4 مليار جنيه سوداني فقط في ولايةتضم  قرابة العشرة ملايين سوداني اغلبهم نازحين بسبب الخروب وانعدام الخدمات في الأطراف
الخرطوم انتفضت بفضل دعوة الحزب الشيوعي  لهذه المسيرة  بسبب ميزانية الولاية التي  تنفق علي الصحة 653,9 م جنيه، بينما الإيرادات المفترضة 654 م جنيه، (يعنى ولامليم،)والتعليم 27 م جنيه بنسبة0.2%  زيادة الدقيق بنسبة 329 %،الكهرباء بنسبة 320%
رغم أهمية هذا الحدث ،والذى يكشفا ن ارواح السودانيين قد بلغت الحلقوم ، الا ان الشيوعيين السودانيون كانوا حريصون جدا على التأكيد   علي قانونية  الموكب، وانه يأتي  باعتباره ممارسة طبيعية لحزب معارض حائز على شرعية التسجيل في مؤسسات الدولة  ، وان الموكب نفسه تمت الموافقةعليه  والتصريح به من قبل الدولة  .
وهذا يعنى ببساطة ان الحزب الشيوعي وكل أحزاب المعارضة  هي أحزاب تعمل تحت مظلة الدولة  ، وبالتالي هي جزء من النظام كونها تبادله الاعتراف  ،ومعلوم ان أحزاب المعارضة خصوصا أحزاب التجمع الوطنى الديمقراطي المعارض عادت الى الخرطوم في اطار استحقاقات  اتفاقية القاهرة لسنة2005 ، وشاركت بنسب متفق عليها في مؤسسات الإنقاذ جنبا الى جنب مع الحركة الشعبية .
اذن والامر كذلك فان الحديث عن ثورة 19 يناير هو حديث لامحل له من الاعراب ، صحيح ان ولايات أخرى خرجت  ضد الغلاء مستغلة هذا الخروج الكبير في الخرطوم بمبادرة الحزب الشيوعي ، وصحيح  ان شروط الثورة متحققة فعلا  ضد الإنقاذ ، لكن ما حدث في 16 يناير لايمكن تفسيره في غير السياق الذى يقول ان الحزب الشيوعي في 19 يناير لم يدع  لثورة تقتلع  النظام ، وهذا لا ينفي أيضا ان الدعوة للانتفاضة ضد النظام  هي واحدة من مرتكزات العمل السياسي المعلنة لهذا الحزب مثل غيره من القوى الحزبية  في الخرطوم .
دروشة سياسية
الملاحظة الثانية اقرأها أيضا في العودة الى شعار الدروشة السياسية  المعروف اثناء الاحتجاجات  في  كل الولايات بلا استثناء وهوشعار ( سلمية سلمية ) ، هذا الشعار كان دائما مشهرا في  وجه القوى الأمنية التي تتصدى للمتظاهرين وكانه دعوة مفتوحة للبطش! ومشكلة هذا الشعار انه سهل وبالتالي قادر على التغطية على الشعارات الأساسية والمهمة التى يجب ان ترفع ، ان مجرد الخروج في احتجاج سلمى على الانقاذ هو حالة من حالات الانتحار، حيث قتل هذا النظام في انتفاضة  سبتمبر2013 وبدم بارد  مايزيد على مئتي   شهيد ، واعد مع القتل الخطة( ب)الشهيرة والتي لايعرف عنها احد شيئا ، وهذا مايجعل شعار سلمية سلمية  المنطلق من الحناجر بينما الرصاص ينهمر نوعا من أنواع الدروشة السياسية .
المطلوب اذن هو تأكيد مطالب الشعب في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي ، ومخاطبة قضايا الهامش  وإيقاف الحروب وفتح مسارات الغوث للنارحين واللاجئين وعودتهم وغيرها من قضايا الوطن الكبرى مثل قضايا الحدود وقومية أجهزة الدولة ،ذلك افضل جدا  لقضية الثورة والوطن من ترديد( سلمية سلمية)
اعتقالات بدون اغتيالات
الملاحظة الثالثة متعلقة بميل الإنقاذ الي الظهور بمظهر الحكم الذى يتيح  قدرا من الحريات ، فالانقاذ سمحت ابتداء بمسيرة الحزب  الشيوعي التي ايدتها قوى حزبية معتبرة وشاركت بها أيضا ، ويحسب لها أيضا انها رغم الإجراءات القمعية التي اتخذتها للسيطرة على الوضع ، من قطع الطريق ، واستخدام للغاز المسيل للدموع، الا انها لم تلجأ هذه المرة لقتل المتظاهرين كما حدث في 2013، في المقابل اعتقل الامن عددا كبيرا من الناشطين والسياسيين والمواطنين المحتجين، وبلغ عدد معتقلى الحزب الشيوعي وحده قرابة الاربعمئة شخص
أسباب ذلك قد تكون مرتبطة بضغوط أمريكا على  النظام فيما يتعلق بملف حقوق الانسان ، وهذا الملف يبدو ظاهرا للعيان كلما قلت أهمية السودان في نظر المراقب الغربي فيما يتعلق بملف الإرهاب ، فالانقاذ لعبت مع الغرب دائما بهذا الملف لتحقيق مكاسب خاصة متعلقة ببقاء النظام ، ما جعله اهم الشركاء للولايات المتحدة، وجعل التعاون بين المؤسسات الأمنية قائما في كل الأوقات .
 اقرا ايضا   كلام جواسيس .. السودان و منطقة الجزاء
السبب الثاني قد يكون مرتبطا باقتراب موعد الانتخابات السودانية والجدل الذي يدور حول ترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية ثالثة ان اضفتها الى فترة الشرعية الثورية (الانقلابية ان شئت) لأصبح بموجبها  عميدا لحكام العالم بخمسة وثلاثون عاما حسوما (ان اكملها)
بؤس المعارضة وعودة الروح
الملاحظة الرابعة  هي عودة الروح للمعارضة السودانية ، فالأحزاب  بعد اتفاقية القاهرة بدت وكأنها جنحت للحل التصالحي ، واستغل الصادق المهدي حضوره  (الكثيف  )ومراوغاته في المشهد السياسي لينفر من اى مبادرة للعنف ضد النظام وبإعلان باريس جعل الحركات المسلحة هي الداعم الأكبر لخيار الانتفاضة الشعبية ( سلمية سلمية ) وذلك  دون ان تقدم  هذه الأحزاب اى مبادرة لإخراج كوادرها في هذه الانتفاضة ،ما جعل كثير من المراقبين يفسر ذلك بان هذه الأحزاب  انما  تنتظر خروج حزب الكنبة لتسليمها الحكم غنيمة باردة
بؤس المعارضة وضعفها أوصل بعض قادتها الي دعوة الشباب للخروج ليموتوا برصاص الإنقاذ لان ذلك افضل قليلا من الانتحار !  شهادة  يعني من اجل الديمقراطية وكدا !
الان تثبت المعارضة أن ثمة جذوة مازالت كامنة بها ، ليس فقط  في أحزاب اليسار ، أحزاب اليمين التي شاركت وجماهير الأحزاب التقليدية القديمة ، وصوت نقابات عمال المؤاني الذي يقاوم الخصخصة الآن ، وكثير من  تجمعات المجتمع المدني وقوي الاجماع الوطني ومناهضة السدود والتجمع العالمي لنشطاء السودان بمواقع التواصل و تحالف مزارعي الجزيرة و المناقل ولجنة المعلمين المركزية ومنبر منظمات المجتمع المدني الدار فوري و غيرهم وغيرهم وغيرهم   ،  كلهم   يمكن ان يكونوا خصما  قويا للإنقاذ  ما لم   تتصالح مع الشعب     وتتراجع عن سياستها الاقتصادية ولاجتماعية   الحالية.