Sunday, January 30, 2011

منهجية الثقالة والشأن السودانى


رغم اننى كنت طفلا وقتذاك ولكنى مازلت اتذكر صوت امى المنطلق فى وسط المظاهرة تردد مع الجميع بينما تضغط بيديها على زراعى كيلا تفلتنى فاضيع منها فى الزحام، الآن وقد كبرت ادركت انى كنت احد شهود لحظة فارقة فى تاريخنا فى السودان، انها لحظة الثورة التى بدأـت رياحها تهب من جديد على منطقتنا كلها
ان مايحدث الان فى مصر ,ليس بعيدا عنا فى السودان, فحركة شباب من اجل التغيير , لاتختلف كثيرا عن نظيرتها المصرية التى تتقدم صفوف الثورة على نظام مبارك, وحركة قرفنا السودانيه تكاد تستنسخ تجربة حركة كفاية الشامخة. وهذه حالة صحية فى تبادل الخبرة النضالية بين مظاليم العالم وشعوبه المقهوره، والاكثر صحية هو ان التجربة تثبت عبقرية الاجيال الجديده الشابه فى التعامل الواعى مع الوضع الراهن، , الانظمة الشموليه تعمل عادة على تفريغ مؤسسات المجمتع المدنى من فاعليتها, وتسيطر بشكل غبى على النقابات العمالية ، الامر الذى يفقد المجتمعات روحها وعمقها وقدراتها على الحراك الطبيعى، الآن نحن نشهد حضورا جديدا لتجربة جديده ومختلفة، مختلفة عن تجربة النقابات وماعرف بحركة القوى الحديثة التى ظهرت ابان ثورة ابريل، انها حركة الاحتجاج التقائى وشغف الحرية المدعوم بمنجز العصر والتقانة وثورة الاتصالات، الفيس بوك وتويتر والتدوين هى بوابات جديده تفرز فى كل يوم ثورة وكاتبا وشاعرا وقضيه
نحن لانحتاج الان الى المؤسسة الرسمية لتسمح لنا بمخاطبة الحياة،, لانحتاج الى شهود على العصر. كل شاب هو شاهد على عصره, انا رأيت بام عينى جدار برلين منهارا, وشهدت ثورة فى بلدى وثورة فى تونس و وانا الان ارى مصر ثائره وهاهو السودان يثور من جديد
اليوم 30/1.2011م انطلقت ثورة الشباب فى يوم للاحتجاج الوطنى، لحظة تاريخية اخرى, بقعة تضيف لمساحة ضؤ قادم واذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر. ولا ادرى ان كان ابوالقاسم الشابى كان هنا يقول بشكل من الاشكال ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم؟
نسيت ان اقول ان احد الشعارات التى كانت ترددها امى وقتذاك هو شعار( استقيل ياثقيل) فقد اكتشف السودانيين وقتها مدى استعداد النظام لاهدار الدماء والاستمرار فى اشعال السودان رغم رفض الشعب واجماعه على ذهابه , وهذه ثقالة متميزه بالطبع ولكنها ايضا ثقالة عتيدة يتميز بها كل الطغاة، حاول عبرها بن على ونظامه الالتفاف على ارادة الجماهير التونسيه فعين رجله المقرب آملا ربما فى العودة الى ىتونس بعد ان تهدأ الاحوال ، وحسنى مبارك ايضا لم يخيب فكرتنا عنه كنموذج لفرعون ثقيل آخر
الثقالة اذن تتحول هنا الى منهجية فى تعاطى الانظمة التولتارية بشكل عام وقضايا الشعوب ,منهج متكامل تتحول من خلاله مطالب الشعوب الى موضوع للسخرية والاستخفاف يمارسها الاخ الاكبر الذى يعرف ويفهم ويراقب ويحصى كل شىء، تتحول موارد الدولة وثرواتها الى مشاعية بدائية يتقاسم فيها رموز هذه الانظمة وانتهازيها بينما اصحاب الحق المحرومين دائما اما مشردون او داخل السجون ,تصبح انتهاكات حقوق الانسان خبزا يوميا تتعاطاه هذه الانظمة مزيفة ارادة الوطن وسيادته الوطنية عبر الصفقات المشبوهة مع دول الاستكبار
منهجية الثقالة ابنة شرعية للدكتاتورية, ولكنها طريق تلقاء هاوية سحيقة تطل على مزبلة التاريخ, التاريخ الذى علمنا فى لحظته الراهنة من خلال الدرس التونسىى ان الثقالة ستنتهى حتما الى تلك الصيحة الشهيرة التى اطلقها بن على ( خلاص لقد فهمت الان) وهى ذات اللحظة التى اطلق فيها مبارك بكائيته الشهيرة( اسمحولى لى ان اموت هنا بعد ان خدمتكم كل هذا الوقت) فمن يخدعون
المطلوب الان من ثقلاء العالم وعلى راسهم الرئيس السودانى ان يعلموا ان السودانيين لن يغفروا تفريطهم فى وحدة السودان، ولا رعاية النظام لظاهرة تنامى الجهويات والنعرات العنصرية كما لن ينسى الشعب ابدا شهداء الطريق والحق والحياة لهم المجد ,ولانامت اعين الجبناء , وان مسألة الحقوق الاساسيه للمواطن فى ظل دولة مدنيه ديمقراطية راعية وليست جابيه هو اقل مايستحقه انسان السودان المقهور
هذه مطالبة بالافراج الفورى عن كل معتقلى الرأى، وبالغاء كافة القوانين المذلة والمقيدة للحريات. وعلى رأسها سىء الذكر قانون النظام العام، والمراجعة الفورية لمنظومة العمل الاعلامى وقوانين انشاء الاحزاب والتجمعات المدنيه، ومحاسبة كل من تلوث بالاعتداء ولوغا فى دماء واعراض واموال السودانيين
العمل على حل فورى وسريع لسلام عادل وشامل لكل ربوع السودان شرقه وغربه
هذا او الطوفان، والطوفان الذى اتحدث عنه كما يعلم الجميع هو المآل الطبيعى الذى تنتهى اليه دائما منهجية الثقالة فى ادراة شئون البلاد والعباد

Wednesday, January 26, 2011

مبروك تونس وشكرا للبوعزيزى

الدرس الذى يعلمنا له الشعب التونسى هو ان ان الطغاة مهما تجبروا فان مصيرهم هو مزبلة التاريخ، ولا بواكى لهم, .وان الشعوب مهما صبرت فان لصبرها حدودا, لقد تغير العالم كله. نحن الان فى زمن العولمة والديقراطية، زمن الاحتفاء بالذات الانسانيه المتحرره ,اللهم الا السعى الى التحقق, لقد سقطت الان كل المفاهيم والانساق واليقينيات الكبرى . فالانتماء والتقاليد والقومية والطليعة الرائدة كلها مفاهيم يتم اعادة تشكيلها وفقا لمعطيات العصر. اليقين الوحيد الحقيقى القابل للاستهلاك هو الحرية
شكرا لتونس التى بصقت فى وجه العالم القذر المتواطىء مع الديكتاتورية, تونس التى خرجت على لتؤكد لنا مقولة قديمة ان ليس بالخبز وحده يحيا الانسان, لان الانسان هو سعى دائم للتحقق بالكرامة والحرية والخيارات الواعية
ويبدو ان العالم كان بحاجة الى البوعزيزى هذا الشاب الذى احرق نفسه لييجعلنا نتذكر هذه البديهيات, .هى ذات الرسالة التى اكدها الشاب السودانى الذى احرق نفسه فى وسط السوق الشعبى . وهاهى تتكرر مع الشاب المصرى فى الاسكندرية ووالبقية الذين قرأنا عنهم فى الجزائر واليمن واجزاء اخرى من العالم.لقد انتحروا نعم لكنهم شهداء . انتج انتحارهم ثورة ووهجا من الوعى, الانتحار نفسه هو حالة وعى عالية بالذات,رغبة ملحة فى ارسال رسالة وتقديم فكرة تشبه تماما فكرة نفى الذات الصوفية العميقة
الشعب التونسى يعيد الى ذاكرتى بطولة الشعب السودانى العظيم . الشعب السودانى ايضا اطاح بدكتاتوريتين . ديكتاتورية الرئيس ابراهيم عبود فى ثورة 1964, ثم دكتاورية جعفر محمد نميرى فى السادس من ابريل1985, الشعب السودانى هو الذى ابتكر سلاح العصيان المدنى , وهو سلاح فتاك يعرى الاتظمة ويكشفها ويجعلها مكشوفة الظهر وسرعان ماتتساقط كاوراق الاشجار فى الخريف
ترى هل كان الاخوة المصريون فى حركة 6ابريل يستلهمون تجربتنا مع نميرى حين اطلقوا هذا الاسم على ثورتهم؟
و لاضير, فقد استلهم البطل على عبد اللطيف ثورة 1924 من تورة 1919 المصرية الشهيرة بقيادة سعدزغلول والثورة العرابية ايضا قامت متأثرة بالثورة المهدية فى السودان ويحدثنا التاريخ عن كثير من الروابط والعلاقات بين الثورتين, حتى قيل ان المهدى كان حين فتح الخرطوم راغبا فى القبض على غردون باشا حيا لمقايضته بالزعيم عرابى الذى كان اسيرا فى ذلك الوقت
شكرا لثورة تونس التىى تجبر طغاة العالم ان يتذكروا غضبة الشعوب ومعطيات الزمن.وعلى طاغوتنا البشير ودهاقنة المؤتمر الوطنى ان يبلوا رؤسهم لان من يفرطون فى وحدة اوطانهم من اجل مصالحهم الضيقة سيكون عليهم ان يتوقعوا عقابا شديدا وغضبا سيأتى
لامحالة
شكرا للبوعزيزى وهو يذكرنا مسؤولياتنا كمثقفين تجاه شعوبنا , المسؤوليةالتى تجعلنا نطالب بضرورة اسقاط البشير وطغمته الفاشية التى فرطت فى وحدة السودان , واستباحت حرماته وثروته , وشنت على اهله الطيببن حروبا مارسوا فيها اسوأ انواع التطهير العرقى لتفرض ثقافة عروبية اسلاميه متوهمة لم تنتج سوى ملايين القتلى والمشردين فى انحاء العالم.
_________________