Showing posts with label نصوص. Show all posts
Showing posts with label نصوص. Show all posts

Thursday, May 5, 2016

ركبتاه



         

جابت جرافات العهد الجديد  المكان بليل  تمسح  بقايا أحلام الصباح ، بعدها  لم تشرق الشمس على شىء ذى بال
فحت الافاعي على ضؤ القمر الغارب ، ونقت الغربان على نوافذ الحلم  المستلقى بأبهة فوق أرصفة الامل المهزوم
هي لله هي لله
ارتفعت عقائر  اللحى التى غادرها ( تتنيحها ) العتيد
ورقص الزعيم  رقصا هستيريا رهيبا ، وصار الشعب مفتونا بالطرب والسكسكة
تناثرت  اشلاء محمد أحمد المشرد في المنافي القصية،   المغدور في   أطراف الحلم القديم  ،وسال ريق الفقر نهرا  فوق ثوب عزة  الذى كان  متشحا بالبياض .
(الغناء حلاله حلال وحرامه حرام) قال واحد من شيوخ المحنة .
الزعيم كان يرقص كغانية سرقها العمر فتخفت بالمساحيق  ، الشيوخ كانوا كندل تحت الطلب، علبوا الفتاوى ، وركبوا فاره الدواب، وأزدانت أيامهم بالخيل والبغال والحمير ليركبوها وزينة، والزعيم يرقص
ثم تكاثفت التفاصيل وأزادات الارض جورا على الجور القديم، وأكلت جرافات العهد الجديد  بنيها  (فدّبل )الزعيم على زوجته بأمرأة شاول  (بن شخص الدين شمسيا) ،  كان واحدا من كبار مساعديه مات في ظروف غامضة!
كانت جميلة كحبة مانجو، ولكنها تخينة قليلا، دخلت مقطوعة الطارىء على الزعيم بالساحق والماحق، فبح صوته في أول عهدها معه، وأصيب بالمرض الخبيث ، وتوقف عن الكلام المباح، وخف الرقص قليلا،
فرح محمد احمد في منفاه ، وظن أن اوأن العودة قد حان، فجهز( شنطنته)، لكن الزعيم  عاد سليما معافى ، كانت الزوجة الجديدة (قد تمكنت)، وفهمت اصول اللعب ، وخرجت الهمسات طائفة  في شوارع البؤس متمخترتا، ولم يجد الزعيم بدا من أن يعود سيرته القديمة في الرقص ، ولكنه في هذه المرة أسرف  كثيرا ، وفي قرار مكين من نفسه علم ان الطريق  الوحيد للسيطرة على هذه الفرسة هو مزيد من الرقص ، فرقص حتى تهتكت ركبتاه
،الشيوخ هلعوا ، وهنيهات الوقت تعلثمت، الجماهير انتفضت قليلا  ثم أستدعت فضيلة الصمت وازداد انبطاحها تحت الحفة  الخوف
لابد من عملية فورا لتغيير الركب سعادتك،- قال كلب الحراسة الكبير
ركب جديدة ؟ قال الزعيم مذعورا ؟  هي (لساتك ) عربية ولا رجلين بنى آدم 
تلعثم كلب الحراسة  وتمتم :- سعادتك دي عملية بسيطة خالص ، وإحنا رتبنا كل شىء، وماتنسى انك راجل مرتين سعادتك، والله تأخر العملية دي الا تبقى زي جنرال ماركيز في ( في خريف البطريق)*
غمم الزعيم واسرها في نفسه، ثم امسك بالملاءة  وانتحب قليلا على حاله وهو يقول :-
لا لا ماداير ركب جديدة
سعادتك الركب اهم شىء للزعيم ، النظام كلو قائم على ركب سعادتك - قال الكلب
صلح الزعيم ركبتيه بالخارج وعاد سيرته القديمة في الرقص  حتى تقوست قدماه ، إستدعي الزعيم كبار رجالات الدولة ، وأعتمد معهم الخطة( ب) لرتق الثقوب  وقهر الشعوب واشياء اخرى
فيما بعد كان قدور يسر لخاصته انه كان اكثر المناضلين نشاطا في محاربة المشروع الحضاري ، اذ كانت الاغاني التي يبثها هي اكثر ما اثر على ركب الزعيم !
اصبح الزعيم كطير يرقص مذبوحا من الالم، غير الاطباء ركبه كما لوانه (ركشة)، وغير سعادته  البلالي والضراعات وأتم عملية اخرى  لتغيير الياي ومساعده،ثم  شحم مفاصله كلها، ولم يدر احد ماذا فعل بالمكنة !
لكنه انهد قليلا ، ونشطت المرأة الجديدة كثيرا، وفهت عزة كل شىء  دون ان يقول احد .
كانت جرافات العهد الذى صار قديما تواصل في سحق  الحلم الغارب ،لم يعرف كلب الحراسة مايفعل غير ان يستمر في استخدام الخطة (ب) باعتبارها اخر ما جاد به عقل الزعيم الطروب من الهام .
وقيل ان الزعيم خرف ، فلم يعد يتذكر حتى اسمه فآخر ماذكر عنه انه سأل مرة كلب حراسته عن اسمه ووظيفته فلما اجابه قال له
ماشا الله والله صدق كنت قايلك قريبنا  لانو كلما اتلفت القاك وراى!،
 وقيل انه مرة سأل عن اسباب قتل طلاب الجامعات فذكروا له انهم يطبقون الخطة (ب) فسألهم في براءة :-
 الخطة( ب )دي حقت شنو؟

 على اعتاب الثمانين  تحولت الافاعي  الى تنانين تنهش ماتبقى من عزة  المغتصبة ، والغربان التى نقت على نوافذ الحلم باضت ، ومحمد احمد حزين كسمكة صيدت  في الصباح ، يستف شنطته استعدادا للعودة كلما حلت مصيبة  في طويل العمر مقطوع الطارىء .
___________
في خريف البطريك كان الجنرال يستخدم الموز



Tuesday, February 26, 2013

اللصوص

لا اعرف لماذا  ذكرنى هذا الابداع  الساخر من الاوضاع السودانية بنص جميل  ل  إيتالو كالفينو هنا

فى زمان ما كانت هناك بلدة كل سكانها من اللصوص فى الليل كان كل واحد من سكان تلك البلدة يترك منزله حاملا سلسلة مفاتيح مصطنعة و مصباح ضوئى صغير و يذهب للسطو على احد منازل الجيران و عندما يعود كل منهم الى منزله عند الفجر كان يجد ان منزله قد تم السطو عليه ايضا و هكذا عاش سكان تلك البلدة سعداء مع بعضهم . لا احد يخسر شيئا حيث كان الجميع يسرق من الجميع ، فكان احدهم يسرق من الاخر ، و يسرق هذا الاخر من آخر و هكذا حتى نصل الى اخرهم و الذى يسرق من اولهم . و كان حال التجارة فى البلدة يتمتاز بانتشار الغش من البائع و المشترى على السواء .

كانت حكومة البلدة كمنظمة اجرامية تسرق من سكان البلدة و على الجانب الاخر كان سكان البلدة ينهبون الحكومة و يختلسون اموالها . و هكذا سارت الحياة فى تلك البلدة بهدوء ، لم يكن احد غنيا ، و لم يكن احد فقيرا أيضا . و فى احد الايام – لا احد يعرف كيف – جاء الى البلدة ليقيم بها رجل أمين . فى الليل و بدلا من ان يخرج للسطو حاملا مصباحا و سلسلة مفاتيح كان يجلس بمنزله يدخن و يقرأ القصص . و جاء اللصوص الى منزله ، و عندما شاهدوا النور مضاءا لم يدخلوا المنزل . و ظل الحال على هذا فترة من الزمن . و كان عليهم وقتها ان يوضحوا له انه حتى لو كان لا يرغب فى فعل شئ فى الليل ، فليس معنى هذا ان يبقى فى المنزل و يعطل الاخرين عن اعمالهم . فكل ليلة يبقى فيها فى المنزل كان معناها ان عائلة بكاملها لن تجد ما تأكله فى الصباح التالى .

و امام هذا المنطق لم يستطيع الرجل الأمين الاعتراض ، فكان يخرج من منزله كل ليلة و لا يعود الا مع الفجر مثلما يفعل الجميع . و لكنه لم يكن يسرق فقد كان لا يملك ان يغير طبييعته كرجل أمين . فكان يذهب الى احد الجسور البعيدة و يرقب المياه المتدفقة اسفل الجسر و عندما يعود الى كان يجد منزله قد تم السطو عليه و فى اقل من اسبوع وجد الرجل الأمين نفسه مفلسا تماما لم يكن عنده حتى شئ يمكن ان يؤكل و كان منزله فارغ تماما و لم تكن هذه هى المشكلة فقد كان هذا خطأه هو .

و لكن المشكلة الحقيقية كانت ان سلوك هذا الرجل الأمين قد اخل بنظام كل شئ حوله . فقد سمح للاخرين ان يسرقوه بدون ان يقوم هو بسرقة اى احد . و هكذا كل صباح كان احدهم يعود الى بيته ليجده كما هو لم يتم السطو عليه كالعادة ، المنزل الذى كان على الرجل الامين ان يقوم بسرقته . و بمرور الوقت ، وجد الافراد الذين لم يتعرضوا للسرقة انفسهم اكثر ثراء من الاخرين ، و لم يعودوا راغبين فى السرقة مرة اخرى . وما زاد المشكلة عمقا انه عندما يذهب احدهم لسرقة منزل الرجل الامين كان دائما يجده فارغا ً و هكذا اصبح هؤلاء اكثر فقرا . و فى تلك الاثناء اكتسب الافراد الذين اصبحوا اكثر ثراءا عادة الرجل الامين و اعتادوا الذهاب الى الجسر ليلا لمراقبة تدفق المياه من تحته .

و زاد هذا من تفاقم المشكلة فتزايدت اعداد الاثرياء كما تزايدت اعداد الفقراء ، وقتها فكر الاغنياء اذا هم استمروا فى الذهاب للجسر كل ليلة فسيصبحون سريعا من الفقراء و استقروا على ان يستأجروا مجموعة من الفقراء ليسرقوا بدلا منهم و وقعوا عقود عمل مع هؤلاء الفقراء بها مرتبات محددة و نسب من المسروقات و كانوا بالطبع مازالوا كلهم لصوص يحاولون خداع بعضهم البعض و لكن ما حدث ان الاثرياء ازدادوا ثراءا و الفقراء ازدادوا فقرا و ازداد ثراء بعض الافراد الى الحد الذى لم يصبحوا عنده راغبين فى السرقة او حتى فى استئجار من يسرق نيابة عنهم .

و لكن اذا توقفوا عن السرقة فسرعان ما يصبحوا فقراء هم ايضا لأن الفقراء يسرقون منهم و هكدا استأجروا افقر الفقراء ليدافعوا عن ممتلكاتهم ضد الفقراء الاخرين وكان معنى هذا إنشاء قوة شرطة و بوليس و بناء عدة سجون و هكذا بعد مرور سنوات معدودة من ظهور الرجل الأمين كان الناس لا يتحدثون عن السرقة و السطو من بعضهم ، و لكن كان الحديث يدور حول الاغنياء و الفقراء ، و لكنهم بالطبع كانوا ما زالوا جميعا لصوص. و كان الرجل الوحيد الأمين بينهم هو هذا الرجل الذى ظهر فى البداية و مات بعد وقت قصير من الجوع

Thursday, October 25, 2012

تلك اللحمة



سيكون غدا عيد الأضحى، كنا نفرح كثيرا بحضوره ، تلك اللمة , والخروف , والأفطار المتأخر , وذلك الخروف احببته وكرهته , زمان لم يكن بامكاننا ان نحصل على عيدية فى هذا العيد, لان الخروف غال جدا, ولايمكنك ان تحصل على كل شىء فى آن , مع ذلك كنت دائما أتمنى لو أنى ركبته!، مشكلتي كانت أنى لم اجروء أبدا على الاقتراب منه، كنت أخاف منه كثيرا، يرعبني ثقاوءه، كنت فقط أقف بعيدا عنه،  حريصا أكثر من ألكل على إن يكون رباطه محكما


الخط الوهمي الذي ارسمه في خيالي كان دائما يحجزه عنى،و كان يجب أن يبقى هناك خلفه دائما

قال صوت لم اعرف من اين يأت :-

سيضحكون كثيرا حين يرون انفلاتات خوفك، تلك القفزات الصغيرة التي تند عنك كلما سمعت صوته، سيظنون أنك خائف فقط ، لن يعرف احد غيرك أنك كنت حزينا أيضا، مرتعبا من المصير الذي ينتظره، مقتنعا انه ينتظر الفرصة للهروب
منشغلا بالبحث فى المآلات وماقد يحدث لو انه استطاع ان يهرب حقا!
سيكون غدا عيد الأضحى، سيكون الخروف حاضرا الليلة و سأتمنى أن اركبه، وساكتفى بنظرات عينيه وسأرسم ذلك الخط الوهمي الذي اختبئ وراءه وخوفي

سنذهب الى صلاة العيد مبكرين ، عندما نعود سيحضر الجزار سكينا كبيرا ،سيمسك شحص ما بيدي المرتجفة وياخذنى إلي هناك، سيقترب بى كثيرا من ذلك الخط ا لوهمي في عقلي، سيمسك بالخروف، وسيبدأ بذكر كلمات هامسة قبل ان يشرع فى الذبح

ربما سيرعبنى منظر الخروف الملقى أمام أبى، لم اعد متأكدا الآن , فى النهاية لن يأبه أحد لتوسلاتي، كان ألكل مصرا على ذبح الخروف المسكين، بكيت كثيرا، دائما وفى كل عام ,وادعيت أنى فقط أريد أن اركبه قبل أن يموت

سخبرنى ابى , كما فعل دائما ( أن الخروف لا يمانع في قتله، أن الخروف يجب أن يموت ليستجيب لحكمة الله في خلقه)

ساعرف لاحقا( وحدى) أن سنة الحياة تقتضى أن نقدم بعض الاضحيات لنستمر، فى مسيرنا الابدى تلقاء المطلق قد نضطر الى فعل الكثير لننجو..., مايتوجب علينا ان نتخلى عنه, ,,,,شئوننا الصغيرة , ......ماقد يحدد وجودنا ...., تلك الخيول التى ندوس عليها , لحظة صدق  لا علاقة لها بجلافة الصراحة وهى تضل  , قصائدنا التى لم نكتبها بعد ,

ولم يقنعني منطق أن الخروف كان مؤمنا... لكن الخروف مات....، أتذكر الآن نظرته المتحدية، كان يمضى إلى المحرقة كشهيد اسطورى، لم يحاول أن يهرب أبدا كما ظننت، حدجنى فقط بنظرة مودعة، نظرة بقيت في داخلي، لم يمنعها ذلك الخط الذي رسمته بيننا في اعماقى

أتذكر وجهه رغم ذاكرتي التي تصارع الفناء،، وهواجس يركضن أمام عيني، أتذكره، ولحم كثير على المائدة، تلك اللحمه الشهية تحولت في يدي إلى وجه يربض خلف خطى الوهمي، عينان حيتان تستنجدان بى، وقتها ضحك أبى كثيرا من انفلاتات خوفي

حين هدأت،..... الآن وقد هدئت ...اجد طعم السلطة في حلقي لابأس به ، خط الدم الذي كان ينز من بين شفاه الحياة يصبح باهتا مع الوقت ،تماما مثل كل الخطوط التى رسمناها يوما فى دواخلنا

فى النهاية سيكون ذلك الخروف موجودا طوال الوقت , ربما هو قابع خلف خط ما, مختبئا خلف حرب من حروبنا ,او كابوس من كوابيسنا ,يضحك من غباء العالم الذي يقتل الخراف ، بينما تقتله هى بالكلسترول






Sunday, September 23, 2012

عرفان

 

 
 " الحياة ليست ما يعيشه أحدنا . وإنما هي ما يتذكره . وكيف يتذكره ليرويه .. "

جابرييل جارسيا ماركيز

فى ذكرى السيدة نعمات  (رحمها الله)

_______________________

غريب أنا , ونافر,  كغزال برى , وكنت العازب الوحيد فى هذه العمارة

 هم يراقبونني عن قرب  , يتوقعون   ان أحضر من لايرغبون   لاطفالهم برؤيته, لكن هذا كان فى البداية فقط, ,  ثم اقتربوا منى, و اصبحت بينهم   كشيء بدهي ,   دخلت  بيوتهم ,كنت  الساكن المفضل  لاغلبهم

نعمات كانت تحبني , طلبت منى ان   اساعد بناتها  فى الانجليزية   ففعلت ,  لكن  ابنها  كان يكرهني!,  لم اعرف ابدا لماذا , ربما  هى الغيره ؟ حمق المراهقة ؟ او لكوني غريبا بالنسبة له؟,  حين كانت تبعثه لى بطعام كان يقدمه لى وكأنه سيطعم كلبا,  , وكنت اتجاوز عن سخفه اكراما لها  ,  كنت اجدها  دائما بانتطارى  اما م البيت  كلما تأخرت قليلا

- لماذا تأخرت!

-انشغلت  قليلا, هل هناك شيء  !

-اردت ان ادعوك لتناول  القهوة  معي

وادخل لآخذ ألفنجان نثرثر قليلا, استمتع بحكاياها كثيرا,  وتسألني عن اهلي  , و يدخل ابنها علينا  ويحدجنى بنظرات غريبة

وبينما اصعد الى شقتى. ,اسمع صوته:-

 هذا الولد  الغريب  ماذا يريد منا؟  كيف تدخلينه عندنا ؟

-   ....... ....., حتى انت قد تحبه ان عرفته, من اين اتتك هذه القسو....؟

لم اكن مشغولا بابنها,فهو فى النهاية ولد صغير,   لكنى تحسست مرة حريتى , وربت عليها بارتياب , حين تأخرت مرة   فقلقت, وجدتها بانتطارى فى مدخل شقتها, سلمت عليها ولمحت بنتيها بالداخل  مع بعض اقاربهم

- لقد قلقت عليك, يبدو ان عليك ان تخبرني ان كنت ستتأخر

- والله  ظروف الشغل, خير؟ قلت بضيق

- اريدك ان تصحبنى( وهنا ء )الى مشوار مهم  غدا انت تعرف ان اخاها لايحب الخروج معنا

يوم الجمعة؟ باذن الله

عندما اغلقت الباب , سمعت  صوت هناء تصيح مهللة من الفرح, وصوت اخيها ينهرها!

ارسلت لي ابنها منتصف النهار, ايقطني حتى لا تفوتني صلاة الجمعة , وأصر على ان اتغدى معهم, كنت اعرف انه كان مجبرا لابطل. 

بعد الغداء  قالت لي:

(اريد ان  اقرأ لك الفنجان,تماما مثل تلك  الاغنية لعبد الحليم )

ثم دندنت :- -جلست والخوف بعينيها , ترلااا

ضحكت لطريقتها اللطيفة فى  تقليد عبد الحليم  ,و انتقلت اليها عدوى  الضحك, كنا على وشك ان نغرق فى تلك اللحظة  , ولكن  ابنها  كان يقف خلفها, صامتا يحدثنى بعينيه,  ( كيف تجروء) !

لم اكن مرتبكا, و لم اجد ما اتخلص  به الا ان اقول ان قراءة الفنجان حرام, لكنها  أخبرتني

ان ثمة اشياء فى هذا العالم  لايعرفها كثير من الناس,

لم افهم المعني تماما , ولكنها اردفت  قائلة :-  شىء ما  اراه فيك! ما رايك ان اكشف عليك؟

-لا داع لهذا يا امي! قال ابنها بصورة موحية  وكان مبتسما!

لاشأن لك بهذا  قالت لابنها فانصرف!

ثم التفتت لي مرة اخرى وقالت:-

 احضر لى احد اقمصتك, وسترى!

حين عدت كان اخوها الشيخ احمد يجلس معها هادئا ومهيبا , نظر لى الشيخ  ثم سالني بشكل غريب

-اخبرتنى ( نعمات ) عن الزائر الذى كان معك بالامس , اطمئن  لن يعود مرة اخرى

تذكرت حلم الامس , حين استيقظت فوجدت من يشاطرني سريرى , كنت اشبه ما اكون بالمشلول, لكني بدأت اقرأ حتي تحررت , وهجمت على هذا( الشىء) الذى كان معى فخنقته  وانا مستمر بالقراءة حتي تسرب من بين يدى, ولكني, كنت مستغربا , كيف عرفت هذه السيدة بهذا!!

قالت لى  (نعمات ) لاحقا:- (الذين استأجروا  الشقة قبلك , كانوا طلبة فى كلية طب, ربما  نجسوا الشقة بجثة  أدخلوها من وراء ظهورنا !)

 ثم اخذت  قميصى وبدأت تهمهم  عليه ما  لم اسمعه, فجأة تحرك القميص  فى يدها بشكل ارعبنى تمام

سلمتنى القميص الذى لم البسه  بعدها ابدا  , واشارت الى الشيخ (احمد) ان نعم!

قال لى الشيخ احمد مباشرة :- نحن عائلة نتناقل الاسرار ابا عن جد,   نعتبرك  منا الآن, ولذلك  سأعطيك سر( البرهتية) انها اسماء الله باللغة  السريانية,  قد اذنت لك باستخدامها, ثم علمني الطريقة وانصرف

يومها قررت ان اغادر المكان, لكنى شعرت بان حبي لام هناء كان  اكبر من خوفى منها,  فابتهجت بالقلق, وتناسيت بالانشغال , فكرت فى هذه ( البرهتية )كثيرا, كانت (نعمات ) كلما لقيتنى  تسألنى عنها, وكانت تعرف اننى لن استخدمها ابدا

-(لو اردت ان تعرف ستجرب, ومن ذاق عرف)

لماذا  انا ! سالتها مرة

(لاني اعرف انك مؤهل لحمل السر)

لم استرح لفكرة الاقتراب من الله  بطريقة  نعمات ,  ولكني كنت اختبر  شيئا جديدا فى داخلي ,, ذلك النوع من  القلق بأن ثمة مايخترق صدفتك, لكنه لا يحطمها,  وكأنك تضبط مشاعرك متورطة بالانتماء, ذلك الخوف الذى يختبئ وراء المعاذير  لم يكن حاضرا ,حين تكتشف انك لم تعد معحبا جدا بنفور  الغزلان البرية ,كنت فقط   ألقى بالاقنعة , وأتأمل الحياة وهى تترنح  امامي , كأن المنفعة خرجت ولم تعد  , وكأن التاريخ  يصحح مساره   بداخلك , كنت اكتشف اني  قد عرفت  !

***

قالت لى مره:-يبدو انه قد آن الاوان يا ولدى,ساشتاق لك كثيرا, كنت اتمنى ان اجد لك بنت الحلال التى تناسبك, لكن.................

ماذا هناك ياحاجة؟ لقد بدأت اقلق, قلت بسرعة

 لا تقلق سنذهب الي بلدتنا  هذا الاسبوع ,  هل تحب ان تأتي معنا ؟  ستعجبك كثيرا

لم اذهب معهم  ولكنى افتقدتهم  كثيرا ,   ازعاج هناء  وأختها   الصغيرة تعبى معهما فى  جداول الضرب  ومسائل القسمة ألبسيطة حتى الابن  الغبى كنت اشعر اني افتقده!

كنت  كلما افتقدت  امهم اتذكر امى   , كنت اعرف انها   منغمسة فى التعب مثلها , مثقل قلبها  بالقلق على العالم  مثلها ,    تمضغ احتقارها لعالم مملوء  بالزيف والتوتر ,  تماما مثل امي 

ثم سقطت فجأة كدلقان قديم   ,  ,واستقرت روحها الطيبة خالدة فى الازل

 فى ذلك المساء الكئيب,  جلست منفطر القلب  كيتيم , يلفنى الحزن كقرطاس  , نظرات المعزين تحاصرني  كمصيدة , اقترب مني ابنها  وربت على كتفي,  كانت وكأنها حاضرة فى عينيه, , بكينا كتائهين فى مكان مهجور, كنا نذرف  الدموع  كطفلين ولكنى شعرت مع كل دمعة اننا كنا نكبر