حمل ديوجين1 مصباحه وراح يطوف انحاء اثينا لاعنا سنسفيل ام الحكومة , كان منذ ان بلغ السبعين قد تفرغ تماما لتحويل احباطه المزمن الى لعنات كلما ارسل بعضها الى العالم شعر ان ثقله يخف قليلاعلى كتفيه
ثم اضاءت فجأة فى راسه فكره رهيبة كادت ان تفجر رأسه الاصلع من هولها, فى تلك اللحظة وهو يمر قرب السوق وجد نفسه يصيح كمجنون
الشعب يريد اسقاط النظام, الشعب يريد اس...
وكما لو ان اهل السوق قد حطت على رؤسهم الطير , وقفوا يحدقون ببلاهة فى هذا الرجل المجنون الذى يريد اسقاط ألنظام , و يتساءلون فى انفسهم ان كان ديوجين المجنون قد انضم الى حركة قرقنا ام انه تابع لاحدى المنظمات الوطنية التى لاتكف عن التناسل فى كل يوم؟
وبينما الشرطة تقترب والكلابيش تجهز مفاتيحها للانقضاض على رسغيه النحيلين كان افلاطون ينزل من سيارته الفارهة وهو يأمر ضابط النظام العام فى حزم
دعوه!
امازلت تمارس هذا الجنون؟ اى ديوجين الحكيم , لماذا تكره النظام الذى يوفر الامن لامتنا العظيمة, الم تكن من أنصار أصلاح النظام, صدقنى لا فائدة من الحكمة والثورة أن كانت ستودى الى الفوضى
اصلاح النظام؟ لماذا تصب الانهار فى البحار فلاتمتلىء البحار ولا الانهار تفرغ؟ لماذا لايستطيع العطار ان يصلح ماأفاسده الدهر؟ لماذا تجرد الناس من الفضيلة وتضفيها على المدن المتوهمة؟ لماذا؟......
فى تلك اللحظة شعر ديوجين بحالة من الغثيان الرهيب, فتقيأ شيئا مرا جدا , لملم افلاطون ثوبه مخافة ان يتلطخ , ولكن ديوجين كان قد لاحظ ان رزازا خفيفا قد اصابه
المدينة الفاضلة ليست وهما , ولكن يبدو انك مريض؟ النظام مستعد لارسالك للعلاج فى لندن, قال افلاطون بتأفف
فاجاب ديوجين :- سيسجل التاريخ انك من اصاب الدنيا بالمرض , الحكمة مرة يا أفلاطون تماما مثل طعم القيء الذى لطخت به ثوبك, الحكمة ان تبحث عن الفضيلة من اجل الناس , لماذا تؤنسن المدن و الاشياء وتضفى عليها صفات البشر المحرومين من ما تضفيه عليها من صفات ! ,الحرية والعدالة اهم من الطعام , فى عالم طبيعى يصبح ظفر انسان بسيط برقبة الاسكندر, العظمة فى الفن الذى ينتجه الناس لا الذى تقدمه وزارة الثقافة ؟ستغنى الوزارة دائما للزعيم و الصدق ليس ماتهرف به قناة الجزيره وولاوزارات الاعلام ؟ سيقولون مايمليه عليهم امثالك ,اى افلاطون كن عدوا لمشروعهم , تكن صديقا للناس, كن صديقى علشان احبك
لو انك تقود الناس الى النظام لكرمتك الدولة ولاصبحت ثريا لكنك تقودها الى الحريق , قال افلاطون
لو انك قدت الناس الى انفسهم لما اضطررت الى تملق النظام, لكنك تقودهم الى حيث نميرى وبن على وبينوشيه والحبل على الجرار كما سيقول فيصل القاسم لاحقا
شعر افلاطون بالغباء اذا لم يكن قد سمع بهؤلاء الذين تحدث عنهم ديوجين , فركب سيارته وانطلق دون ان يقول شيئا, وعندما انصرف ديوجين اقترب منه بعض الشباب , وكان فى يد كل منهم مصباحا يشبه مصباحه تماما
__________
1/ديوجين هو ديوجينيس الكلبي فيلسوف إغريقي. 412 ق.م- 323 ق.م , عاصر افلاطون , وكانت بينهما نوع من الصداقة اللدودة ,هو تلميذ لأنتيسِتنيس . الذي كان تلميذا لسقراط. كان ديوجين شحاذاً يقطن شوارع أثينة. جعل من الفقر المدقع فضيلة. ويقال أنه عاش في برميل كبير. وأنه مشى يحمل مصباحاً في النهار. يبحث عن رجل فاضل او شريف وآمن بأن الفضيلة تظهر في الأفعال وليس النظريات. حياته كانت حملة بلا هوادة لهدم قيم المجتمع ومؤسساته التي كان يظنّها فاسدة.
This comment has been removed by the author.
ReplyDeleteThis comment has been removed by the author.
ReplyDelete