كثرت التساؤلات فى الساحة السودانية حول سر موقف الولايات المتحدة الداعم لقيام الانتخابات فى موعدها، الامر الذى يجعلها متفقة فى موقفهاهذا مع موقف الحزب الحاكم،، الولايات المتحدة التى دعمت المعارضة دائما ، وهذا اعتراف قدمه لى احد اقطابها الكبار ابان التجمع الوطنى الديمقراطى بالقاهرة، قدمت ايضا دعما ماليا كبيرا لحركات دارفور كنت شخصيا احد شهوده فى مرحلة ما، تنحاز فجأة الى النظام ؟
لكن الامور ليست كما تبدو عليه دائما، الولايات المتحدة التى اعلنت تفاؤلها باكتساح الحركة الشعبية على لسان جينداى فريز مسئولة افربقيا فى الخارجية الامريكية، هى نفسها الولايات المتحدة سكوت غريشن مبعوث اوباما لتحقيق استراتيجية الولايات المتحدة المعلنة بخصوص السودان
اريد ان اشير الى الجانب الشخصى فى المسألة، اعتقد ان المبعوث الامريكى يتحدث بلغتين، لغة الرجل الواثق من نفسه، الممثل لقوى كبرى فى السودان، ثم لغة الرجل المحبط الذى لايستطيع ان يفهم طبيعة التركيبة السياسية والاجتماعية فى السودان، وهذا هو نص حديثه حسب الاعلام الامريكى فى ظل المعوقات الكبيرة التى تواجهه
اكبر هذه المعوقات هى فيتو رئاسى كبير ضد مقابلته للبشير او اى شخص آخر متهم من قبل محكمة الجزاء الدولية!!!وهذا شىء غريب يسبب الارتباك حتى للسيد غريشن نفسه
السيد غريشن الذى كاد ان ييئس فى ظل عدم تحقيقه لاى تقدم لمهمته فى السودان، وجد فرصته الكبيرة فى دعم قيام الانتخابات فى موعدها ليكون هذا هو انجازه الوحيد الملموس، واعتقد انه هنا كان متأثرا فقط بآراء جينداى فريز
جينداى فريزر والتى تظن ان عرمان قد يستطيع ان يحقق ما حققه اوباما فى السودان، وهذا يدل على غباء استراتيجى ان صح التعبير ولكنه يشكف عن وجود الرؤى الذاتية وحضورها فى السياسة دائما
ما اريد ان اقوله ان السياسة فى كثير من الاحيان قد تتحكم فيها مصادر ذاتية لا علاقة لها بالواقع وماقد نتخيله او نتمناه من الدول الكبرى، حيث الامور المحسوبة دائما وحيث مراكز البحوث الاستراتيجية التى تخطط ولا تكف عن تدبير المؤامرات
هل هناك مؤامرة امريكية على السودان؟ لا اعتقد ذلك ، امريكا لا تعتبر السودان من اولوياتها الان،ماتريده امريكا من السودان معلن ومفهوم، فاز عرمان او البشير، الصادق او اى شخص آخر
الان وبعد ان تأكد فوز البشير فى ظل صفقة اعتقد ان غريشن قد اقتنع بها عبر مقابلات متكررة ودائمة مع اقطاب الوطنى وعلى رأسهم صديقه دكتور نافع على نافع هو السير باتجاه دعم قيام الانتخابات فى موعدها ايا كان شكلها، ثم دعم قيام الدولة الجنوبية المنفصلة
شخصيا لن يدهشنى ابدا ان يكون لهذا علاقة بمسألة مصير البشير المطارد من قبل الجنائية الدولية، قد يؤدى هذا طبعا الى الى انفصال دارفور، حيث ان دارفور كانت دائما تستلهم التجربة الجنوبية من بداياتها وقد يشجع هذا ايضا كثير من ثوار افريقيا فى نيجيريا
ورواندا والكنغو ودول اخرى
مشكلة الولايات المتحدة ان توقوعات المراقبين منها لا تخطىء الا قليلا، اذ ربما لاتكون الامور بالبساطة التى يقدمها التصور الاول ،فامريكا بالطبع قادرة على تقديم صفقة للبشير فيما يتعلق بالمحكمة الدولية، عن طريق مجلس الامن الذى تسيطر عليه وهو المحرك الاساسى لهذه القضيةفهى اذن تملك كل اوراق العبة فى يدها،تماما حين ابقت على صدام حسين فى الحرب الاولى كفزاعة لابتزاز دول الخليج حتى اذا ما انتهى دوره تخلصت منه ببساطة شديدة فى الحرب الثانية
هناك نقطة ثالثة ، هل هناك امكانية لصداقة بين الانقاذ وامريكا؟ اعتقد ان هذا مستبعد، امريكا التى تعلم دور السودان فى الصومال، الذى هزمت فيه على يد السودانيين، ودور السودان او لنقل الانقاذ فى طردها من الكنغو هذه الخدمة المجانية التى قدمت لفرنسا بدعم لامحدود لكابيلا ، وحالة التربص الدائم من قبل فرنسا لمزيد من الحضور المؤثر فى ظل علاقات حركات دارفور معها، كل ذلك يجعلنا نتوقع ان دورا ما تتوقعه امريكا من الانقاذ وهنا ايضا يمكننا ان نلحظ وجود الدوافع الذاتية لمحركى السياسة الامريكية فى المنطقة لتحقيق نجاحات بشكل من الاشكال