رغم اننى كنت طفلا وقتذاك ولكنى مازلت اتذكر صوت امى المنطلق فى وسط المظاهرة تردد مع الجميع بينما تضغط بيديها على زراعى كيلا تفلتنى فاضيع منها فى الزحام، الآن وقد كبرت ادركت انى كنت احد شهود لحظة فارقة فى تاريخنا فى السودان، انها لحظة الثورة التى بدأـت رياحها تهب من جديد على منطقتنا كلها
ان مايحدث الان فى مصر ,ليس بعيدا عنا فى السودان, فحركة شباب من اجل التغيير , لاتختلف كثيرا عن نظيرتها المصرية التى تتقدم صفوف الثورة على نظام مبارك, وحركة قرفنا السودانيه تكاد تستنسخ تجربة حركة كفاية الشامخة. وهذه حالة صحية فى تبادل الخبرة النضالية بين مظاليم العالم وشعوبه المقهوره، والاكثر صحية هو ان التجربة تثبت عبقرية الاجيال الجديده الشابه فى التعامل الواعى مع الوضع الراهن، , الانظمة الشموليه تعمل عادة على تفريغ مؤسسات المجمتع المدنى من فاعليتها, وتسيطر بشكل غبى على النقابات العمالية ، الامر الذى يفقد المجتمعات روحها وعمقها وقدراتها على الحراك الطبيعى، الآن نحن نشهد حضورا جديدا لتجربة جديده ومختلفة، مختلفة عن تجربة النقابات وماعرف بحركة القوى الحديثة التى ظهرت ابان ثورة ابريل، انها حركة الاحتجاج التقائى وشغف الحرية المدعوم بمنجز العصر والتقانة وثورة الاتصالات، الفيس بوك وتويتر والتدوين هى بوابات جديده تفرز فى كل يوم ثورة وكاتبا وشاعرا وقضيه
نحن لانحتاج الان الى المؤسسة الرسمية لتسمح لنا بمخاطبة الحياة،, لانحتاج الى شهود على العصر. كل شاب هو شاهد على عصره, انا رأيت بام عينى جدار برلين منهارا, وشهدت ثورة فى بلدى وثورة فى تونس و وانا الان ارى مصر ثائره وهاهو السودان يثور من جديد
اليوم 30/1.2011م انطلقت ثورة الشباب فى يوم للاحتجاج الوطنى، لحظة تاريخية اخرى, بقعة تضيف لمساحة ضؤ قادم واذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر. ولا ادرى ان كان ابوالقاسم الشابى كان هنا يقول بشكل من الاشكال ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم؟
نسيت ان اقول ان احد الشعارات التى كانت ترددها امى وقتذاك هو شعار( استقيل ياثقيل) فقد اكتشف السودانيين وقتها مدى استعداد النظام لاهدار الدماء والاستمرار فى اشعال السودان رغم رفض الشعب واجماعه على ذهابه , وهذه ثقالة متميزه بالطبع ولكنها ايضا ثقالة عتيدة يتميز بها كل الطغاة، حاول عبرها بن على ونظامه الالتفاف على ارادة الجماهير التونسيه فعين رجله المقرب آملا ربما فى العودة الى ىتونس بعد ان تهدأ الاحوال ، وحسنى مبارك ايضا لم يخيب فكرتنا عنه كنموذج لفرعون ثقيل آخر
الثقالة اذن تتحول هنا الى منهجية فى تعاطى الانظمة التولتارية بشكل عام وقضايا الشعوب ,منهج متكامل تتحول من خلاله مطالب الشعوب الى موضوع للسخرية والاستخفاف يمارسها الاخ الاكبر الذى يعرف ويفهم ويراقب ويحصى كل شىء، تتحول موارد الدولة وثرواتها الى مشاعية بدائية يتقاسم فيها رموز هذه الانظمة وانتهازيها بينما اصحاب الحق المحرومين دائما اما مشردون او داخل السجون ,تصبح انتهاكات حقوق الانسان خبزا يوميا تتعاطاه هذه الانظمة مزيفة ارادة الوطن وسيادته الوطنية عبر الصفقات المشبوهة مع دول الاستكبار
منهجية الثقالة ابنة شرعية للدكتاتورية, ولكنها طريق تلقاء هاوية سحيقة تطل على مزبلة التاريخ, التاريخ الذى علمنا فى لحظته الراهنة من خلال الدرس التونسىى ان الثقالة ستنتهى حتما الى تلك الصيحة الشهيرة التى اطلقها بن على ( خلاص لقد فهمت الان) وهى ذات اللحظة التى اطلق فيها مبارك بكائيته الشهيرة( اسمحولى لى ان اموت هنا بعد ان خدمتكم كل هذا الوقت) فمن يخدعون
المطلوب الان من ثقلاء العالم وعلى راسهم الرئيس السودانى ان يعلموا ان السودانيين لن يغفروا تفريطهم فى وحدة السودان، ولا رعاية النظام لظاهرة تنامى الجهويات والنعرات العنصرية كما لن ينسى الشعب ابدا شهداء الطريق والحق والحياة لهم المجد ,ولانامت اعين الجبناء , وان مسألة الحقوق الاساسيه للمواطن فى ظل دولة مدنيه ديمقراطية راعية وليست جابيه هو اقل مايستحقه انسان السودان المقهور
هذه مطالبة بالافراج الفورى عن كل معتقلى الرأى، وبالغاء كافة القوانين المذلة والمقيدة للحريات. وعلى رأسها سىء الذكر قانون النظام العام، والمراجعة الفورية لمنظومة العمل الاعلامى وقوانين انشاء الاحزاب والتجمعات المدنيه، ومحاسبة كل من تلوث بالاعتداء ولوغا فى دماء واعراض واموال السودانيين
العمل على حل فورى وسريع لسلام عادل وشامل لكل ربوع السودان شرقه وغربه
هذا او الطوفان، والطوفان الذى اتحدث عنه كما يعلم الجميع هو المآل الطبيعى الذى تنتهى اليه دائما منهجية الثقالة فى ادراة شئون البلاد والعباد