Monday, June 8, 2015

التعويض في الشريعة الانجلو سكسونية

مدخل
ان اهمية دراسة موضوع التعويض في الشريعة الانجلو سكسونية  ينطلق من اهمية هذه الشريعة  باعتبارها تمثل احد المصادر التاريخية للقانون في السودان  وفي  مجموعة كبيرة من دول بسبب التاريخ المشترك لبريطانيا الاستعمارية مع هذه الدول,
وتعتبر الدول التي تعتمد الشريعة  الانجلو سكسونية هي الدول الاكثر تأثيرا في عالمنا   والتي تشمل بالاضافة الي بريطانيا كل من الولايات المتحدة الامريكية , وكندا واستراليا ,ونيوزلندا, بالاضافة الي الهند و ومجموعة دول الكومونولث البريطاني الخ
ولكون هذه الشريعة تقوم في اصولها علي العرف  كمصدر رئيس للتشريع في داخل منظومة قوانينها ,  ومعلوم ان العرف  لايزال يمثل مصدر من مصادر التشريع  في القوانين السودانية
وبنظرة علي احكام القانون الانجليزي لتعريف  التعويض  نجد:-
ان فقهاء القانون الانكليزي  يعرفون التعويض بأنهُ مبلغ من النقود تعطيها المحكمة ,أو الحكم فيما يتعلق بالخطأ المرتكب ضدّ المدعي عن طريق المدعى عليه لغرض تعويض المدعي عن ذلك الضرر بعد أنْ يقيم الحجة على الضرر الذي لحقه. (1)
أما عن هدف التعويض فقد أجمع الفقهاء في القانون الانكليزي على إن هدف التعويض الرئيس هو وضع المتضرر في نفس الوضع الذي كان عليه لو لم يكن الضرر قد وقع .
كما لو أن العقد قد نفذ ولم يحدث فيه إخلال أصلاً
مع ملاحظة انه في كل قضية في القانون الانكليزي إن تحديد التعويض ينبغي أن يحصل بناء  على قيمة الخسارة
(value of the loss). (3)
فالاهداف التي يحددها القانون الانجليزي المستمد من الشريعة الانجلو سكسونية العرفية
تتعلق   بتحقيق العدالة  بحيث نجد انفسنا وكأننا ازاء قاعدة الضرر يزال او لاضرر ولا ضرار المعروفة في الفقه الاسلامي
في دراستنا للقانون الانجليزي نلاحظ ما يؤكد ذلك حين نقرأ المصالح التي يهدف التعويض في القانون الانكليزي إلى حمايتها وهي ثلاث مصالح
الأولى/ المصالح المتوقعة.
والمصالح المتوقعة هي المصالح التي يفقدها المتعاقد نتيجة  للاخلال بالعقد حيث ياخذ عادة هذا الاخلال في اداء الالتزامات  شكلا من اشكال عدم التنفيذ أو تنفيذ معيب أو التأخر في التنفيذ  للالتزام المعين في العقد
فالمصالح المتوقعة تهدف إلى جعل الدائن يحصل على الفائدة المرتقبة من الصفقة. (8
والثانية/ المصالح المعوّل عليها
ويقصد بها جعل المدعي في وضع جيد كما لو أن العقد لم ينعقد أصلاً. (12)
ومن ثمَّ فان الفارق بين المصالح المتوقعة والمصالح المعوّل عليها يكمن  في أنَّ الأولى يقصد منها تعويض المدعي ووضعه في وضع كما لو أنَّ العقد قد نفذ  من جانب المدين أي أنَّ الدائن حصل على الفائدة المرتقبة من الصفقة
في حين أنَّ المصالح المعول عليها يهدف التعويض عنها إلى وضع الدائن في الحالة التي كان عليها  قبل انعقاد العقد أي كأنَّ العقد لم ينعقد أصلاً .(13)
والثالثة/ المصالح الاستردادية
أي المصلحة في إعادة ما دفع بلا حق, فالمصالح الإستردادية تعني إرجاع أي كسب أو فائدة حصل عليها المدعى عليه من العقد بسبب إخلال المدعى عليه بالعقد
ونلاحظ ان هذا الهدف يركز على الطرف المخل ( المدين ) . (17
وعليه فانّ تعويض المصالح الاستردادية يستلزم من المدعي عليه إرجاع الفائدة التي تسلمها بسبب الإخلال في تنفيذ العقد إلى المدعي.
وان المصالح الاستردادية يكون التعويض عنها أقل من التعويض من المصالح المتوقعة أو المصالح المعول عليها والسبب إن المصالح الاستردادية لا تتضمن الربح الفائت بمعنى آخر خسارة الربح بالنسبة للدائن . كذلك ولا تتضمن المصاريف المعول عليها عند إبرام العقد والتي لمّح عليها المدعى عليه في العقد بل أنَّ المصالح الاستردادية تقتصر بإعادة أي فائدة أو كسب حصل عليه المدين نتيجة الإخلال بالعقد بإرجاعها إلى الدائن لذلك إن المصالح الاستردادية وكما يذهب الفقه الانكليزي هي الوسيلة الأكثر تناسباً في معالجة الإخلال في العقود  غير اللازمة . (18)
وتقدير التعويض عن المصالح الاستردادية يقوم على أساس القيمة المعقولة للخدمات المنفذة والمسلمة أكثر من ثمن العقد كما هو الحال في المصالح المتوقعة أو المصاريف التي تكبدها الدائن في تعويض المصالح المعول عليها والقاعدة هنا أنَّ التعويض عن المصالح الاستردادية ينحصر في القيمة المعقولة للخدمات المنفذة أو المسلمة . (
19)
نلاحظ:-
ان القانون الريطاني يعتد  بمفهوم  التعويض ,ويرتب اثاره القانونية علي  طرفي العقد في حالة الاخلال به
ان القانون البريطاني ثري بالسوابق القضائية التي اسست لمعرفة قانونية متميزة في مجال تطبيق القانون والتعويض علي   الطرف الذي تضرر من الاخلال بالعقد
وبناء عليه فأن الدارس لابد له ان يتعرف علي على صور الإخلال المؤدية إلى الأضرار في القانون الانكليزي والتي على ضوئها يتم الحكم بالتعويض
ان حالة الاخلال في القانون الانكليزي لديها شروط  حتي يعتبر تحققها  واعتبارها كوضع قانوني   وهي:-
رفض المتعاقد أو عدم قيامه بتنفيذ واحدٍ أو أكثر من التزاماته العقدية
ويحصل الرفض والإهدار للعقد بعدم تنفيذ الالتزام في الميعاد المحدد له في العقد ( present breach) أو رفض المتعاقد التنفيذ صراحة
( express repudiation) أو قيامه بعمل من شأنه أن يمنعه من التنفيذ فيعد عمله رفضاً ضمنياً لتنفيذ الالتزام ويطلق عليه ( implicit repudiation). (25)
ألإخلال في القانون الانكليزي على نوعين:-
أما إخلال حاضر أي حادث في موعده المستحق والذي يطلق عليه
present breach). (20)
أو النوع الثاني الإخلال المبتسر
( anticipatory breach )
وعرفه الفقه الانكليزي بأنه الإخلال الذي يحصل
قبل الموعد المستحق للتنفيذ وذلك بقيام المدين بإهدار العقد على نحو مطلق  بإعلانه انه لن ينفذ الالتزامات المترتبة عليه في العقد وانه لم يعد ملتزما بها. (21)
وقد رتب المشرع الانجليزي ثلاثة انواع  للتعويض بناء علي نوعي الاخلال  اعلاه واللتان تحددان مدي وقوع وتحقق حالة الاخلال كشرط رئيس في  استحقاق المضرور
1/التعويضات الاسمية  التي يحكم بها على المسؤول عن الضرر الناشئ عن الإخلال بالعقد على الرغم من عدم استطاعة الدائن إثبات انه قد أصابه ضرر فعلي نتيجة لهذا الإخلال
2/تسمى التعويضات العامة التي يحكم بها للدائن نتيجة للخرق الحاصل من المدين على حقوق الدائن القانونية أو واجباته
3/التعويضات الخاصة أو الاستتباعية وهي على خلاف التعويضات العامة فلا يمكن المطالبة بها بدعوى قضائية موسعة على العقد ما لم تكن  تلك الأضرار الموجب تعويضها قد أحاط أطراف العقد بها علماً في وقت انعقاد العقد. ( 24)




قاعدة
Hadley v. baxendale 1854
Hadley v Baxendale 9 Exch. 341 (1854) is a leading English contract law case which laid down the principle that consequential damages will be awarded for breach of contract only if it was foreseeable at the time of contracting that this type of damage would result from the breach. The two important rules set out in the case are:

1. The injured party may recover damages for loss that ‘may fairly and reasonably be considered as arising naturally, i.e., according to the usual course of things, from such breach of contract itself.

2. The injured party may recover damages for loss other than that ‘arising naturally’ - to recovery of what have come to be known as ‘consequential’ damages.
By introducing this requirement of ‘contemplation’ for the recovery of consequential damages, the court imposed an important new limitation on the scope of recovery that juries could allow for breach of contract. This resulted in imposition of a more severe limitation on the recovery of damages for breach of contract than that applicable to actions in tort or for breach of warranty, in which substantial or proximate cause is the test.) US Legal, Inc.(
Copyright © 2001-2015 USLegal, Inc

النص الانجليزي يشير الي القاعدة الشهيرة التي ارستها هذه القضية  الهامة والتي تعتبر عمدة ومنطلق مرجعية في موضوع التعويض في قوانين العقود الانجليزية والامريكية , حيث ارست مبدأ احقية المضرور في الحصول علي تعويض عن الاضرار المتوقعة في وقت التعاقد واستنبطت  من هذا المبدأ الهام قاعدتان هاماتان :-
1/ يجوز للطرف المتضرر تعويضات عن الخسائر الناشئة بشكل طبيعي بشكل عادل ومعقول  وفقا للمسار المعتاد من الأشياء، من هذا الإخلال بالعقد نفسه
2/يجوز للطرف المتضررالحصول علي تعويضات عن خسائر أخرى غير التي  تنشأ بشكل طبيعي" وذلك لاسترداد ما أصبح يعرف باسم (الأضرار التبعية)
ونلاحظ هنا ان الأضرار إذ لم تكن ناتجة بشكل طبيعي من الإخلال الحاصل بالعقد فانه ينبغي إثبات وبيان إن المدين يحيط علماً بتلك الحالة وان الشخص الاعتيادي يكون قادراً أيضا على العلم بها وقت  إبرام العقد ويتوقع هذه الأضرار الاستثنائية التي تستتبع الإخلال
وقد حكم القاضي
Alderson B
في القضية   موردا الآتي : -
إذا ما قام الطرفان بإبرام عقد ثم اخل احدهما بالعقد فان ما يجب أن يستحق كتعويض للطرف الآخر نتيجة هذا الإخلال هو أما ما يعد عدلاً ومنطقاً ناشئاً بصورة اعتيادية  أي طبقا للمجرى الطبيعي للأمور والأشياء عن هذا الإخلال بالعقد نفسه أو إن مثل هذا المعقول  الذي يجعل الشخص أن يفترض بأنها أي هذه الأضرار إنها متوقعة من قبل الطرفين في الوقت الذي ابرم فيه العقد أنهما توقعا هذه النتيجة الراجحة لهذه الإخلال  فإذا كانت الظروف الخاصة التي ابرم العقد فيها قد أُخطِرَ أصحاب الشأن بها المدعى عليهم وأصبح الجانبانِ على علمٍ بها فان التعويض الناشئ عن الإخلال بالعقد والذي توقعه المتعاقدان عادة هو مقدار الضرر الذي ينتج عادة عن الإخلال بعقد له مثل هذه الظروف الخاصة المعروفة والتي يكون الطرفان على علمٍ بها ومن جانب آخر إذا كانت هذه الظروف الخاصة لا يعلم بها الطرف المخل بالعقد أبداً فانه على الغالب يفترض به إنه قد توقع الضرر الذي ينتج عادة من هذا الإخلال كما هو الحال في الإعداد الكبيرة من القضايا غير المقترنة أو المصحوبة بظروف خاصة (
فالقانون الانجليزي اذن يوجب التعويض عموما علي اى اخلال بالعقد طالما ان هذا الاخلال نشاء بشكل طبيعي  وفقا لمسار الاشياء او ما اسماه الفقه الانجلو سكسوني للقانون ب الأضرار العامة التي تكون ناجمة بشكل طبيعي من الإخلال بالعقد
والنوع الثاني الأضرار الخاصة التي لا تكون ناتجة بشكل طبيعي من الإخلال الحاصل بالعقد أي إنها أضرار استثنائية أحيطت بها ظروف ملابسة للتعاقد (37)
وفي التطبيق لهذه القواعد فأن المدين لا يُسأَل عن تعويض الأضرار الاستتباعية الناشئة من ظروف خاصة إذا كان لا يعلم بها
Vlctoria launndry (Windsor) ltd v. newman lmdustries ltd 1949
وعلى العكس فان المدين يُسأل في القانون الانكليزي عن تعويض الأضرار الاستتباعية الناشئة من ظروف خاصة إذا كان المدين يعلم بها أو المتعاقدان على علم بها وقت إبرام العقد
قضية (parsons v. littley lnghan & co 1978
ويمكن القول عموما ان القواعد القانونية التي ارستها سابقة  هادلي ضد باكسندال هي ما استقر عليه الامر وتم العمل به في الشريعة الانجلو سكسونية , وبالتالي فهو المتبع في الدول التي تتبع نظام القانون العام  كما في القانون الانجليزي والقانون الامريكي  و  الكندي و الاسترالي والنيوزلندي



No comments:

Post a Comment