Saturday, January 16, 2016

الدفع بعدم قبول الدعوى


الدفع بعدم قبول الدعوى هو آلية في المرافعات   تعنى ان يأتي احد الخصوم  بما يرد الخصومة عنه فهو دفع للخصومة  وليس دفع للدعوى أى انه دفع لايتعلق بموضوع الدعوى   عكس الدفع الموضوعي الذي هو دفع للدعوى في موضوعِها بالإنكار أو الإبراء أو السداد ونحو ذلك،
 الدفع الموضوعي متعلق بأصل النزاع بينما الدفع بعدم القبول متعلق باجراءات اقامة الدعوى أو النزاع.
الدفع بعدم القبول يهدف الى انكار سلطة الخصم في اقامة الدعوى مثل التمسك بعدم وجود مصلحة اولعدم وجود علاقة بين المدعي عليه
الدفوع اذن نوعان، دفع للخصومة لنقصان شرط أو لصدور حكم فيها وبالتالي حيازتها لحجية الامر المقضي فيه
ودفع موضوعي  يهدف للرد على موضوع الخصومة نفسها بحجة البراءة او الانتهاء او اى سبب متعلق بالنزاع محل الخصومة
والدفع بعدم القبول ايضا يمكن اثارته بسبب  عـدم اﻻﺨﺘﺼـﺎص اﻟﻤﺤﻠــــﻲ أو لـﺈﺤﺎﻟــــﺔ اﻟــــدﻋوى إﻟــــﻰ ﻤﺤﻛﻤــــﺔ أﺨــــرى عند ﻘﻴــــﺎم اﻟتـﻨـــازع ذاﺘـــﻪ أﻤﺎﻤﻬـــﺎ أو ﻟﻘﻴـــﺎم دﻋـــوى أﺨـــرى ﻤرﺘﺒطـــﺔ ﺒﻬـــﺎ في محكمة اخرى
والدفع بعدم القبول لنقصان شروط الدعوى لايترتب عليه بطلان الدعوى  ، ذلك ان الدعوى الصحيحة ان توافرت شروطها تظل صحيحة  لكونها قابلة للاصلاح ويقوم القاضي باصلاحها والسير فيها بشكل عادي
كما ان هذا الحق في اصلاح الدعوى متاح في الدفوع الاجرائية التى حددتها المادة 72 للخصم  لتوافر المصلحة ، ويعتبر هذا بمثابة تنبيه للقاضي ان ثمة مشكلة او نقص عليه ان يقوم باكماله ، وارتباط اصلاح الدعوى لمنع اقامة دعوى جديدة  بالقاضي هو مسالة متعلقة بالنظام العام
معنى النظام العام:-
 هو فكرة شديدة الاتساع  غامضة ومتغيرة بحسب كل مجتمع ، ولكن يمكن القول انها فكرة تهدف الى حماية المصالح الاساسية فى اى مجتمع وبالتالي تشمل كافة مايهدف هذا المجتمع الى تاسيسه وحمايته وهي بالتالي تشمل عادات وتقاليد واخلاق وثقافة ودين واقتصاد واعراف وقوانين هذا المجتمع ويمكن التوسع في ذلك
فالدفع بعدم القبول يقصدبه فقط  محاولة دفع الدعوى عن الخصم  ولاتحمل اى تشكيك في الدعوى نفسها  من حيث شروط الصحة او الانعقاد او الموضوع
والدفوع نوعان  من حيث سريانها الزماني ،نوع موقت بزمن محدد هو ماقبل  تقديم اى طلب او دفاع في القضية محل النزاع  وقد نظمه المشرع في المادة 71 ونوع مطلق ويمكن قراءته في المادة72 ويجوز التقدم به في اى وقت
صور الدفوع بعدم القبول اشارت اليها  ا المادة71 وتنص على"
·        الدفع ببطلان صحيفة الدعوى لتخلف شرط من شروط صحة الدعوى
·         أو بعدم الاختصاص المحليِّ للحكمة وينعقدهذا الاختصاص  عادة للمحكمة التي يقع في دائرتها القضائية الموطن الحقيقي أو المختار للمدعي عليه.
·        أو بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى، لقيام النزاع ذاته أمامها.
·        أو لقيام دعوى أخرى مرتبطة بها.
وهي دفوع  يجب إبداؤها قبل أيِّ طلب أو دفاع في الدعوى، وإلا سقط الحقُّ فيما لم يُبْدَ منها"
وهي متعلقة بالنظام العام كما ذكرنا
اما الدفع بالبطلان بشكل مطلق  فقد نظمت المادة72  وتنص على
·        "الدفع بعدم اختصاص المحكمة النوعي( ويقصد به عادة ترتيب وتصنيف المحاكم حسب الدرجات،)
·         أو الدفع  بعدم قَبول الدعوى لانعدام الصفة أو الأهليَّة أو المصلحة أو لأيِّ سبب آخر.
·        وكذا الدفع بعدم سماع الدعوى تحكم به المحكمة من تلقاءِ نفسها، ويجوزُ الدفع به في أيِّ مرحلة تكون فيها الدعوى.
نخلص الى  :-
ان الدفع بعدم القبول هو دفع اجرائي شكلي متعلق بشكل الاجراء حيث ننبه القاضي الى ان ثمة عيب يحتاج الى التعديل
ان  تعييب اجراءات الخصومة يترتب عليه البطلان مالم يكن بالامكان تصحيح الاجراء المعيب وان البطلان لا يعني عدم قبول
ان الدفع الشكلي يتفق  مع الدفع بعدم القبول  في عدم التعرض لاصل الحق المدعى به لكن يختلفان فى ان الدفع الشكلى يوجه الى اجراءات المحاكمة او الخصومة بينما عدم القبول يوجه لانكار سلطة الخصم في استعمال الحق في رفع  الدعوى لتخلف شرط من شروط الدعوى
الطلبات العارضة :-
 للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يأتي:
أ- ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي، أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرَأتْ أو تبيَّنتْ بعد رفع الدعوى.
  • ب- ما يكون مكملاً للطلب الأصلي، أو مترتبًا عليه، أو متصلاً به اتصالاً لا يقبل التجزئة.ج- ما يتضمن إضافة أو تغييرًا في سبب الدعوى، مع إبقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله.د- طلب الأمر بإجراء تحفظي أو وقتي.
هـ- ما تأذنُ المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطًا بالطلب الأصلي".
اما المادة 80 فقد نظمت الطلبات العارضة التى يجوز للمدعي عليه تقديمها على النحو التالي:-
 "للمدعَى عليه أن يقدِّم من الطلبات العارضة ما يأتي:
أ- طلب المقاصَّة القضائية. وتعني الحق في استيفاء دين حال لكلا المتخاصمين  وشروطها كما وردت  في الفقرة الثالثة من اللائحة التنفيذية
"يشترط لطلب المقاصَّة القضائية الآتي:
أ- أن يكون لكلٍّ من طرفَي المقاصَّة دَيْن للآخر في ذمَّته لا لغيره، ولا في ذمة مَن هو نائب عنه.
ب- أن يكون الدَّينانِ متماثلين جنسًا وصفة.
جـ- أن يكون الدَّينانِ متساويين حلولاً وتأجيلاً، فلا يقاصُّ دَيْن حالٌّ بمؤجَّلٍ".
نواصل مايحق للدعي عليه من طلبات اضافة الى المقاصة 
ب- طلب الحكم له بتعويضٍ عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية، أو من إجراءٍ فيها.
جـ- أي طلب يترتَّب على إجابتِه ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها، أو أن يحكم له بها مقيَّدة بقيد لمصلحة المدعَى عليه.
د- أي طلب يكون متصلاً بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة.
هـ- ما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطًا بالدعوى الأصلية".

قد نواصل حول الدعوى قريبا ان شا الله وننبه ان هذه المراجعات هي مذاكرة واستنتاجات شخصية وهي متاحة لمن اراد ان ينقل  او يأخذ منها من الطلاب  والزملاء بهذا الحقل 
مع ذكر المصدر رجاء.

Saturday, January 2, 2016

هذا الكائن الغريب

(كان هذا الطالب الغاني الاسود كالابنوس،  لكنه - إن انت لم تكترث للونه - كان وسيما .
خلف حاجز اللون كان خفرا،لكنك ان سمحت له بالدخول كانت إنسانيته لاتعرف حدودا،
خلف حاجز اللون انت في أمان ، لكنك إن أزحته لم يكن ثمة ضمان)
من نص قصير بعنوان (الاختيار )للطيب صالح
القصة باختصار شديد تقول ان الطالب الغاني الاسود كان يحضر الي حفل إسبوعي في منزل صديق انجليزي اعتاد ان يدعو اليه السارد والطالب الغاني ومجموعة اخرى من اصحابو الاجانب، وانتهت الحكاية بهروب زوجة رجل الحفلات مع الطالب الغاني
بعد ان تقرأ ستفكر بالطبع عن ما اراد الكاتب ان يقوله من وراء هذا النص البسيط، البلا حبكة ولاتشويق ولاتبئير ولاتقعر ولاسريالية ، والقصة اصلا قديمة وعادية
 في الغرب ،  فما المدهش في علاقة متوقعة معه او مع غيره  نشأت بين الافريقي الاسود والسيدة البريطانية زوجة الصديق؟

هل كان  صالح يشير الى ان تلك المرأة قد تجاوزت حاجز اللون  فلم تعد آمنة على مشاعرها ، ماهي طبيعة الامان الذى قد ينعم به كائن لايرغب في تجاوز الحاجز ؟، هل حاجز اللون حقيقي اصلا؟  قد تفكر بجدلية الصراع بين الشرق والغرب باعتبارها موضوعة أثيرة لدى الطيب صالح، او قد ترى بأن هذا الاسود مثل (مصطفى سعيد) ينتقم لنا من الخواجات الظالمين ، وقد تتذكر ماقاله ادوارد سعيد حول علاقة (قلب الظلام) لكونراد (بموسم الهجرة الى الشمال) ، وكل هذا ليس مهما ،المهم أنك  ستبدأ باكتشاف عبقرية هذا الكاتب الجميل، وستعود  بكامل ارادتك لإسترجاع النص وإعادة قراءته مرة اخرى                                                                           *
يقول صالح :-(خلف حاجز اللون كان خفرا،لكنك ان سمحت له بالدخول كانت انسانيته لاتعرف حدودا، خلف حاجز اللون أنت في امان ، لكنك ان ازحته لم يكن ثمة ضمان)
ان الف مقال عن العنصرية لايمكنها ان تعبر بهذه البساطة  عن الكائن العنصري، ومايفعله صالح هنا انه يكشف هذا الكائن فقط ويعريه ، ، فالكائن العنصري  قصير النظر لكونه لايستطيع ان يتجاوز حاجز اللون، انه يتوقف هناك عند تخوم السواد بلا قدرة  ولا رغبة في  او على فتح الباب ليسمح لانسانية الآخر بالدخول اليه او عليه
هل الكائن العنصري يدرك عنصريته ! ام ان العنصرية قد تكون خلقا اصيلا في بعض الذوات بحيث لايشعر بان ثمة مشكلة مع من  تتوجه اليه هذه العنصرية؟ هذا  أحد  المفاتيح  التي يضيعها  الكائن  العنصري وبسببها يصبح غير قادر على فتح ابواب انسانيته لانسانية الاخر؟ ولكن لماذا او كيف تضيع اصلا تلك  المفاتيح ؟،
مثلا  هذا الاسود او هذا  الآخر قد تكون لديه طريقة في عمل الاشياء   او انجاز العمل بطريقة لاتعجبنا،  طريقته في اللبس مثلا اوطريقته في الحديث او الكلام تستفزنا او تضجرنا وهذا الاتجاه المضحك هو جوهر العنصرية
 هناك طريقة اخرى لاضاعة مفاتيح بوابتنا الانسانية والتي بسببها يحتجز الكائن العنصري نفسه خلف حاجز اللون او أيا كان ، وهو ان يضع الكائن مسؤولية عنصريته على الضحية  انهم هم الذين دفعوني  الى هذا المنحدر ( السود  مشكلتهم كذا) ( ماعندي معهم مشكلة لكن هم شوية عندهم عقدة من ناحية كذا) وووالخ وهذه هي نظرية غلطان المرحوم بعينها!
قلت من قبل واكرر (لعنصرية متوفرة حتى فى كثير ممن يعلنون التزامهم بمبادئ المساواة بين البشر وان كان هذا بشكل خفي فأن تطالب بحقوق معينة لذوى البشره السوداء او لفئة اجتماعية ما او تحمل توجهات جندرية محددة هو فى الواقع شكل من اشكال العنصرية يقع فيه الكائن العنصري  من حيث لا يعلم) فالبشر في الاصل واحد ومتساوون  وممتلؤن بالهراء ولايحتاجون الى مزيد منه
نستطيع ان نسمح للاخرين  بالدخول الينا لنصافح انسانيتهم، وذلك بأن نتقبلهم كما هم، فالسود لايمكن ان يصبحوا بيضا  بالطبع ، لكنهم  خلف حاجز اللون ربما كانوا اكثر انسانية منك
ماحدث لتلك السيدة في القصة  انها لم تكترث للون الطالب الغاني ، لقد تجاوزت حاجز اللون ، وهي ميزة الامان التى يتحصن خلفها الكائن العنصري، فان فقدها فلن يكون امامه الا ان يتعامل مع الاخر باعتباره انسانا ، مثله تماما
 ______

 ا*الصورة للممثل السوداني العالمي/ جير داواني