Friday, April 9, 2010

سياسة التمنيات



كثرت التساؤلات فى الساحة السودانية حول سر موقف الولايات المتحدة الداعم لقيام الانتخابات فى موعدها، الامر الذى يجعلها متفقة فى موقفهاهذا مع موقف الحزب الحاكم،، الولايات المتحدة التى دعمت المعارضة دائما ، وهذا اعتراف قدمه لى احد اقطابها الكبار ابان التجمع الوطنى الديمقراطى بالقاهرة، قدمت ايضا دعما ماليا كبيرا لحركات دارفور كنت شخصيا احد شهوده فى مرحلة ما، تنحاز فجأة الى النظام ؟
لكن الامور ليست كما تبدو عليه دائما، الولايات المتحدة التى اعلنت تفاؤلها باكتساح الحركة الشعبية على لسان جينداى فريز مسئولة افربقيا فى الخارجية الامريكية، هى نفسها الولايات المتحدة سكوت غريشن مبعوث اوباما لتحقيق استراتيجية الولايات المتحدة المعلنة بخصوص السودان
اريد ان اشير الى الجانب الشخصى فى المسألة، اعتقد ان المبعوث الامريكى يتحدث بلغتين، لغة الرجل الواثق من نفسه، الممثل لقوى كبرى فى السودان، ثم لغة الرجل المحبط الذى لايستطيع ان يفهم طبيعة التركيبة السياسية والاجتماعية فى السودان، وهذا هو نص حديثه حسب الاعلام الامريكى فى ظل المعوقات الكبيرة التى تواجهه
اكبر هذه المعوقات هى فيتو رئاسى كبير ضد مقابلته للبشير او اى شخص آخر متهم من قبل محكمة الجزاء الدولية!!!وهذا شىء غريب يسبب الارتباك حتى للسيد غريشن نفسه
السيد غريشن الذى كاد ان ييئس فى ظل عدم تحقيقه لاى تقدم لمهمته فى السودان، وجد فرصته الكبيرة فى دعم قيام الانتخابات فى موعدها ليكون هذا هو انجازه الوحيد الملموس، واعتقد انه هنا كان متأثرا فقط بآراء جينداى فريز
جينداى فريزر والتى تظن ان عرمان قد يستطيع ان يحقق ما حققه اوباما فى السودان، وهذا يدل على غباء استراتيجى ان صح التعبير ولكنه يشكف عن وجود الرؤى الذاتية وحضورها فى السياسة دائما
ما اريد ان اقوله ان السياسة فى كثير من الاحيان قد تتحكم فيها مصادر ذاتية لا علاقة لها بالواقع وماقد نتخيله او نتمناه من الدول الكبرى، حيث الامور المحسوبة دائما وحيث مراكز البحوث الاستراتيجية التى تخطط ولا تكف عن تدبير المؤامرات
هل هناك مؤامرة امريكية على السودان؟ لا اعتقد ذلك ، امريكا لا تعتبر السودان من اولوياتها الان،ماتريده امريكا من السودان معلن ومفهوم، فاز عرمان او البشير، الصادق او اى شخص آخر
الان وبعد ان تأكد فوز البشير فى ظل صفقة اعتقد ان غريشن قد اقتنع بها عبر مقابلات متكررة ودائمة مع اقطاب الوطنى وعلى رأسهم صديقه دكتور نافع على نافع هو السير باتجاه دعم قيام الانتخابات فى موعدها ايا كان شكلها، ثم دعم قيام الدولة الجنوبية المنفصلة
شخصيا لن يدهشنى ابدا ان يكون لهذا علاقة بمسألة مصير البشير المطارد من قبل الجنائية الدولية، قد يؤدى هذا طبعا الى الى انفصال دارفور، حيث ان دارفور كانت دائما تستلهم التجربة الجنوبية من بداياتها وقد يشجع هذا ايضا كثير من ثوار افريقيا فى نيجيريا
ورواندا والكنغو ودول اخرى
مشكلة الولايات المتحدة ان توقوعات المراقبين منها لا تخطىء الا قليلا، اذ ربما لاتكون الامور بالبساطة التى يقدمها التصور الاول ،فامريكا بالطبع قادرة على تقديم صفقة للبشير فيما يتعلق بالمحكمة الدولية، عن طريق مجلس الامن الذى تسيطر عليه وهو المحرك الاساسى لهذه القضيةفهى اذن تملك كل اوراق العبة فى يدها،تماما حين ابقت على صدام حسين فى الحرب الاولى كفزاعة لابتزاز دول الخليج حتى اذا ما انتهى دوره تخلصت منه ببساطة شديدة فى الحرب الثانية
هناك نقطة ثالثة ، هل هناك امكانية لصداقة بين الانقاذ وامريكا؟ اعتقد ان هذا مستبعد، امريكا التى تعلم دور السودان فى الصومال، الذى هزمت فيه على يد السودانيين، ودور السودان او لنقل الانقاذ فى طردها من الكنغو هذه الخدمة المجانية التى قدمت لفرنسا بدعم لامحدود لكابيلا ، وحالة التربص الدائم من قبل فرنسا لمزيد من الحضور المؤثر فى ظل علاقات حركات دارفور معها، كل ذلك يجعلنا نتوقع ان دورا ما تتوقعه امريكا من الانقاذ وهنا ايضا يمكننا ان نلحظ وجود الدوافع الذاتية لمحركى السياسة الامريكية فى المنطقة لتحقيق نجاحات بشكل من الاشكال

Sunday, April 4, 2010

حول الانتخابات السودانية 1-2


لم يكن انسحاب مرشحى الرئاسة السودانية مفاجئا رغم الدوى الكبير الذى احدثه على مستوى الميديا بهذا الانسحاب تكون المعارضة قد قدمت خدمة جليلة للرئيس البشير لتتواصل سلسلة الاخفاقات الدائمة للدولة السودانية المنكوبة بهذا النظام لما يتجاوز العشرين عاما اسباب الانسحاب المعلنة كانت بسبب عدم استجابة الحكومة لمطالب المعارضة بتأجيل الانتخابات لعدم ملائمة الظروف الامنية في دارفور ، اضافة إلى تشكك المعارضة من نية الحكومة المسبقة لتزوير الانتخابات مالم يقله المراقبون أن انسحاب المعارضة او بقائها لن يؤثر كثيرا على مجريات الانتخابات، المعارضة التي تجاوز التاريخ منطلقاتها وطروحاتها، تعتمد على مرجعيات شخصيية، وعلى شرعيات تاريخية لا علاقة لها بالديمقراطية باى شكل من الاشكال، هذه القيادات هي واحدة من اسباب فشل مشروع الدولة السودانية منذ استقلالها وحتى الان، واعتقد انهم جميعا طلائع تركها الاستعمار لتواصل مسيرتها في تأخير مسيرة التقدم الطبيعى التي لاشك أن الانسان السودانى يستحقها الخسارة الكبيرة في هذا الانسحاب الكبير كانت هي خسارة انسحاب ياسر عرمان مرشح الحركة الشعبية، ياسر عرمان الذى طرح فكرة الامل والتغيير معيدا للاذهان اسطورة اوباما في نسختها السودانية، انسحاب مرشح الحركة الشعبية سيعزز من فرص انفصال السودان إلى دولتين ، حيث أن هذا الانسحاب جعل الانتخابات شأنا شماليا، وكأن رسالة الحركة هنا أن تقول أن الشمال لايهمنا في شىء، وبذلك تكون الحركة الشعبية قد فقدت رصيدها الكبير في تأييد حركات الهامش وجماهيرها العريضة ،و تيار ممتد من القوى الحديثة التي ظهرت بعد انتفاضة ابريل 1985اضافة لجيل جديد من الشباب يمارس انتباهاته الأولى للعالم لاول مرة عبر افكار الحرة الشعبية ماقبل الانسحاب حول السودان الجديد انسحاب عرمان الذى بدأ لى ليس موافقا على قرار المكتب السياسى للحركة،يتم في اطار صفقة بين الحركة وحزب البشير،الذى اعلن بذكاء أن الانتخابات مثل تقرير المصير كلاهما استحقاق مرتبط باتفاقية السلام بين الجنوب والشمال، فاذا انسحبت الحركة سيرد مباشرة برفض مسألة تقرير المصير، ملامح الصفقة ستكون كالاتى، ينسحب مرشح الحركة القوى والذى يمثل تهديدا ا قويا للبشير في مقابل اجراء تقرير المصير بينما تستمر الحركة في المشاركة بالانتخابات البرلمانية المدهش فى كل هذا هو ان يتأمل الانسان كل هذا القدر من الخداع واللامبدئية فى ممارسة القوى السايسية السودانية وتعاملها بهذا القدر من الاستخفاف بالانسان السودانى ، اذ لاشىء يهم الا مصالح القيادات وليذهب الاخرون الى الجحيم
فبأنسحاب ياسر عرمان تكون الحركة الشعبية قد ادارت ظهرها لكل ماتشدقت به حول المهمشين ، شرقا وغربا وشمالا لتسيطر على الجنوب فقط
مباركة امريكا لاجراء الانتخابات ولمجمل ترتيبات المؤتمر الوطنى الحاكم فيما يتعلق بالاتخابات المنقوصة المعيبةيكشف بجلا ء رغبة امريكية فى فصل الجنوب خصما على مصالح السودا ن، رغما عن ارداة افريقيا، ،وفى هذا تهديد لمصالح الجوار العربى الحيوية
وخصوصا مصر، وغياب كامل للدور المصرى بشكل مثير للتساؤل بانسحاب عرمان والصادق المهدى ، و كلاهما صاحب وزن مقدر، وزعيم الحزب الشيوعى نقد، ومبارك الفاضل، وكلاهما يبدو لى وكأنه وجدا متنفسا لحفظ ماء الوجه بهذا الانسحاب ، فالزعيم الشيوعى العجوز لايحظى بتأييد جماهيرى كبيرى، والفاضل لايحظى بأحترام القوى االقوى الوطنية لمواقفه المخزية الكثيرة، يتبقى عبد العزيز خالد وهو عسكرى محترف وغاضب من النظام لاسباب لااحد يعرف عنها شيئا، وتتبقى فاطمة عبد المحمود اول امرأة مرشحة للرئاسة في العالم العربى كله، وهى سابقة جيدة، وكذلك يتبقى مرشحين مستقلين سأتحدث عنهما لاحقا ولا اعتقد في تقديرى أن احد منهم لديه فرصة في منافسة البشير السؤال المهم الذى يقفز إلى ذهن المتابع الان ، ما الذى حدث لاتفاق تم في جوبا بين الاحزاب السودانية بالدخول باكثر من مرشح لتشتيت الاصوات على الرئيس البشير؟، ولى عودة