Tuesday, April 16, 2013

حلايب , كعب داير , وطنية . واشياء اخرى


 

كنت فى حلايب مرة, ركبت بشكل طبيعى من الميناء البرى بالقاهرة, لم اكن مهتما بنظرات موظفة الشباك القلقة, وهى تتفحص جواز السفر السوداني الذى قدمته لها, الحقيقة  اننى كنت ناسيا اصلا  ان  المثلث محتل, ففى تلك الفترة فى اواخر 2008 م لم تكن قضية حلايب مثار اهتمام المصريين, وهى بالتأكيد لم تكن فى دائرة اهتمام اى نظام سودانى منذ استقلال السودان وحتى الآن!

الطريق الى شلاتين يمر باغلب المناطق السياحية المعروفة  على البحر الاحمر, الغردقة , مرسى علم , وغيرها من المدن الساحرة, والطريق نفسه ينبسط باتجاه شرقنا الحبيب دون عوائق, وكأنه شريان رئيس يحيى المنطقة, او ان شئت هو يد قوية تعتصر  جرح الوطنية الغامض هذا,  ومع ذلك لا تنكأه ابدا!

عندما  وصولنا الى أبواب شلاتين,تم القاء القبض على بطريقة غريبة , وكأنهم كانوا بأنتظارى !عموما  فى مصر  المخابرات او الحكومة ان شئت  تعرف  كل شىء!, صودرت اوراقى, وتم التحقيق معي,و بعثرت امتعتى فى تفتيش دقيق

قال لي العسكرى بعد ان تأكد  من صحة اقوالي :- المفروض اني اعملك( كعب داير) ياروح امك

والكعب الدائر اجراء شرطي أشتهر عندهم بواسطة الدراما المصرية

’ وهو أن تربط مكلبشا   بيد رجل شرطة مصرى  يطوف بك  قرى مصر وأقسامها على مستوى الجمهورية ويعرضك عليهم عسى ان تكون مطلوبا لجرم!! وهو اجراء يستغرق قرابة الشهرين وقد  يزيد قليلا, وكأنهم لم يسمعوا باختراع اسمو  الكومبيوتر!!ه

قلت للشرطي :-  لدى اصدقاء فى الحكومة , ممكن اتصل باللواء عبد الحليم..( الفلاني)*

مفيش داع

 قال آخر  بحكمة  قبل ان يضيف بمكر,:-

 أنت ممكن تخلص نفسك وتخش حلايب  وشلاتين, وتعمل اللى انت عايزو يعم, تحت امرك, هى مصر والسودان ايه, مش ستين  حتة ولا  ايه؟

وخلصت نفسي  , دفعت و لم أعد مضطرا لمشاركته الابتسام على  نكاتهم  السخيفة , ولكني كنت افكر

لماذا لاتجد من اهل حلايب وطنيين بعترضون على ضمهم الى مصر؟ لماذا لاتوجد الجبهة الشعبية لتحرير حلايب ... مثلا؟ وهل قبل سكان حلايب الرشوة فى وطنهم

بالطبع لم اكن وقتها قد سمعت  اسم  الطاهر محمد هساي رئيس مجلس حلايب المنتمى لقبيلة البشاريين الذى  اغتقل لمناهضته للوجود المصري في حلايب، وتوفي في مستشفى في القاهرة أثر الاعتقال لمدة عامين بدون محاكمة ولا باسم محمد عيسى سعيد المعتقل منذ 6 سنوات

والباحث سيجد على الويكيبيديا مثلا اسماء علي عيسى أبو عيسى ومحمد سليم المعتقلون منذ 5 سنوات، وهاشم عثمان ومحمد حسين عبد الحكم و كرار محمد طاهر ومحمد طاهر محمد صالح منذ سنتان

نحن نقول لهم الاحترام جميعا, سيما ان كانوا يقومون بهذا الدور من اجل الله والوطن., لكن هناك اخرون لا يحركون ساكنا, ولا اقصد الانقاذ هنا

مصر بنت لكل مواطن هناك مسكنا محترما مع الاثاث المناسب , وقدمت لهم  نوادى وانارة , والاهم امدادات مياه, اضافة الى التزام كامل بالقانون الدولي فيما يتعلق بمسئولية الدولة المحتلة تجاه مواطنى المناطق المحتلة, تم منح الجنسية المصرية لجميع سكان المنطقة, مع اعفاء دائم لكل الشباب عن اداء الخدمة العسكرية, وهو اجراء قانوني يتبع لان ولاء سكان المناطق المحتلة عادة يكون مشكوكا فيه, لكن مللاحظاتي الشخصية ان كل شباب البشارية والعبابدة ( الذين رأيتهم) يحمدون الله على   النعيم الذى عرفوه بعد الاحتلال ( الرهيب)

سالت احد شباب المنطقة فى تجمع ضخم   ضم مشجعى الاهلي والزمالك  من ابناء اثنية البجا الحاصلين على الجنسية المصرية للتو:-

لماذا تشجعون الفرق المصرية؟ هل انتم معهم ام معنا؟ 

ابتسم الشاب ابتسامة ذات مغزى ولم يقل شيئا   

يجدر بي ان اذكر ان سكان هذه المناطق عاشوا دائما فى خيام وضنك, فى غياب كامل  لدور الدولة الوطنية  مابعد الاستقلال حتى الاحتلال الحالي 

هل يمكن  ان نصف الذين قبلوا مصر فى حلايب بأنهم  اقل وطنية؟, لكنى عموما  اظن  ان مسالة الانتماء برمتها هى عملية تبادلية, اخذ وعطاء ,يحب الناس اوطانهم وينتمون اليها لاسباب مادية وليس مجانا, بمعنى  ان على الوطن ان يعلمني يأوينى  ويعالجني لاكتب فيه الغزل والشعر  لاحقا, الوطنية  الشعاراتية التى لاتقوم على الاخذ والعطاء هى وطنية طارئة وليست اصيلة , غريزية , منخفضة  لانها تظهر مؤقتا فى اوقات الشحن والازمات , ونكوصية , لانها بتقودنا تلقاء الوطن الاصغر , السودان وليس افريقيا او العالم العربي, الشمالية وليس السودان, دار جعل وليس الشمالية ال فلان وليس الجعلية  وهكذا مثلا

عموما  على الذين يرغبون فى علاقات طبيعية  بين شعبي الوادى ان يعملوا على   على حل هذه الازمة معا , عبر التفاوض والتحكيم  هذا هو الطريق الوحيد

, اما مسالة طرح مشروعات مشتركة  والكلام عن التكامل فليس الا هروبا من المشكلة يعمل على تفاقمها ,و الارض التي يرغب شركاءفى استثمارها ينبغى ان تحدد اولا لمن هى ومن الذى يملكها, واخيرا  فان استرجاع حلايب  او الاقرار لمصر بحقها فيه  شرف  لن تناله الا حكومة  وطنية ديمقراطية  تحترم شعبها